للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدخلتُ عليها فإذا هي حُبلى، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لها الصداق بما استحللت من فرجها، والولد عبدٌ لك، فإذا ولدت فأجلدها، أو قال: فحدوها» (١) وهو ضعيف.

قالوا: فأمر - صلى الله عليه وسلم - بجلدها بمجرد الحمل من غير اعتبار بينة ولا إقرار.

٢ - قول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «الرجم حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء، إذا قامت البينة، أو كان الحبل، أو الاعتراف» (٢) وهذا قاله عمر في خطبته فلم يُنكر عليه.

٣ - ولأن دلالة الحمل أمارة ظاهرة على الزنا، أظهر من دلالة البينة، وما يتطرق إلى دلالة الحمل يتطرق مثله إلى دلالة البينة وأكثر.

الثاني: لا يثبت الزنا بالحمل، بل بالإقرار أو البيِّنة فقط: وهو مذهب الجمهور: الحنفية والشافعية والمعتمد عند الحنابلة، وحجتهم:

١ - أن الحدَّ يُدرأ بالشبهة إجماعًا، والشبهة هنا متحققة من وجوه متعددة، فيحتمل أن الحمل من وطء إكراه، ويحتمل أنه من وطء رجل واقعها في نومها وهي ثقيلة النوم، ويحتمل أنه من وطء شبهة، ويحتمل حصول الحمل بإدخال ماء الرجل في فرجها دون جماع.

٣ - أثر علي بن أبي طالب أنه أُتي بامرأة من همدان وهي حُبلى يُقال لها شراحة قد زنت، فقال لها عليٌّ: «لعل الرجل استكرهك؟» قالت: لا، قال: «فلعلَّ الرجل قد وقع عليك وأنت راقدة؟» قالت: لا، قال: «فلعل لك زوجًا من عدونا هؤلاء وأنت تكتمينه؟» قالت: لا، فحبسها حتى إذا وضعت، جلدها يوم الخميس مائة جلدة، ورجمها يوم الجمعة (!!) فأمر فحفر لها حفرة بالسوق ...» (٣).

٣ - أثر أبي موسى أنه: «كتب إلى عمر - رضي الله عنه - في امرأة أتاها رجل وهي نائمة، فقالت: إن رجلًا أتاني وأنا نائمة، فوالله ما علمت حتى قذف فيَّ مثل


(١) ضعيف: أخرجه أبو داود (٢١٣١) وله علتان ذكرهما ابن القيم في «تهذيب السنن» (٣/ ٦١) طـ. أنصار السنة.
(٢) صحيح عنه: أخرجه البخاري (٦٨٢٩)، ومسلم (١٦٩١).
(٣) صحيح عنه: أخرجه عبد الرزاق (٧/ ٣٢٦)، وأحمد (١٢١٤ - ١١٨٩)، والنسائي، وأصله في البخاري مختصرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>