للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا شهد أقلُّ من أربعة:

إذا شهد أقل من أربعة لم تثبت البيِّنة، وهل يُحدُّون حدَّ القذف؟ قولان للعلماء:

الأول: أنهم يُحدُّون حدَّ القذف: وهو قول الجمهور، لحديث أبي عثمان قال:

«لما شهد أبو بكرة وصاحباه على المغيرة جاء زياد، فقال له عمر: رجل لن يشهد إن شاء الله إلا بحق، قال: رأيت انبهارًا، ومجلسًا سيئًا، فقال عمر: «هل رأيت المرود دخل المكحلة؟» قال: لا، قال: فأمر بهم فجلدوا» (١).

الثاني: لا حدَّ عليهم، وهو قول الظاهرية، وقول مرجوح عند الحنفية والشافعية؛ لأنهم إنما قصدوا أداء الشهادة، ولم يقصدوا قذف المشهود عليه.

(ب) أن يكونوا رجالًا: فلا تقبل شهادة النساء في هذا الباب عند جماهير العلماء (٢)، قال الله تعالى: {فاستشهدوا عليهن أربعة منكم} (٣) ولفظ: «أربعة» عدد مؤنث فلابد أن يكون المعدود مذكرًا، ثم إن الحدود تُدرأ بالشبهات، وقد قال الله تعالى في شأن النساء: {أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى} (٤).

وذهب أبو محمد بن حزم إلى أنه يقبل في الشهادة على الزنا - كغيرها من الشهادات - شهادة امرأتين مسلمتين مكان رجل، فيجوز شهادة ثلاثة رجال وامرأتين، أو رجلين وأربع نسوة، أو رجل وست نسوة، أو ثمان نسوة لا رجل

معهن.

(جـ) أن يكونوا عقلاء، فلا تقبل شهادة المجنون ونحوه، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لماعز لما شهد على نفسه: «أبك جنون؟» (٥) وفي لفظ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لقال لقومه: «أتعلمون بعقله بأسًا تنكرون منه شيئًا؟» (٦).

(د) أن يكونوا أحرارًا، فلا تقبل شهادة العبيد (!!).

(هـ) أن يكونوا عدولًا، فلا تقبل شهادة الفاسق، قال الله تعالى: {وأشهدوا


(١) صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة (٥/ ٥٤٤)، والطحاوي (٢/ ٢٨٦)، والبيهقي (٨/ ٣٣٤)، وانظر «الإرواء» (٢٣٦١).
(٢) صحيح: تقدم مرارًا.
(٣) سورة النساء: ١٥.
(٤) سورة البقرة: ٢٨٢.
(٥) «فتح الباري» (١٢/ ١٨١) طـ. المعرفة.
(٦) صحيح: أخرجه مسلم (١٦٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>