للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجلس واحد عند أداء الشهادة، فإن جاءوا متفرقين يشهدون واحدًا بعد الآخر، لم تقبل شهادتهم، ويُحدُّون حدَّ القذف، وإن كثروا (!!).

وذهب الشافعية والظاهرية وابن المنذر إلى أنه لا يشترط، وتقبل شهادتهم مجتمعين ومتفرقين، لقوله تعالى: {لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء} (١). ولم يذكر المجالس.

قلت: وهو الأظهر، فإن إبطال شهادة أربعة بدعوى عدم اتحاد المجلس، ففيه إبطال لشهادة - نصَّ الله على قبولها - بغير دليل.

(ط) وهل يشترط عدم التقادم؟ (٢):

ذهب الحنفية إلى اشتراط عدم التقادم في البيِّنة، وهو رواية عن أحمد، فإذا شهدوا على زنى قديم لم يجب الحدُّ، قالوا: لأنهم لما لم يشهدوا فور المعاينة دلَّ ذلك على اختيارهم جهة الستر على المسلمين، فإذا شهدوا بعد ذلك دلَّ على أن الضغينة حملتهم على ذلك، فلا تُقبل شهادتهم، لما رُوي عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال: «أيما قوم شهدوا على حد لم يشهدوا عند حضرته، فإنما شهدوا عن ضغن، ولا شهادة لهم» ولم ينقل أن أحدًا أنكر عليه، قالوا: فكان إجماعًا (!!)، ولأن التأخير - والحالة هذه - يورث تهمة، ولا شهادة للمتهم.

وذهب الجمهور إلى أن الشهود لو شهدوا بزنا قديم، وجب الحدُّ، لعموم الآية، ولأن التأخير يجوز أن يكون لعذر أو غَيْبة، والحد لا يسقط بمطلق

الاحتمال، ولو سقط بكل احتمال لم يجب حدٌّ أصلًا.

عُقوبة الزاني:

الزاني على قسمين: إما أن يكون مُحصنًا، أو غير محصن (بِكْرًا)، ولكل منهما عقوبة خاصة به.

تعريف المُحْصِن:

المحصن هو: الثِّيب الذي تتوفر فيه الشروط الآتية (٣):


(١) سورة النور: ١٣.
(٢) «البدائع» (٧/ ٤٦)، و «الشرح الصغير» (٤/ ٢٤٩)، و «الروضة (١/ ٩٨)، و «المغني» (٨/ ٢٠٧).
(٣) «التشريع الجنائي» (٢/ ٣٩٠) وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>