للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: حدُّ العبد كحد الحر ثمانون جلدة: وهو مروي عن ابن مسعود والزهري وعمر بن عبد العزيز والأوزاعي، وهو مذهب ابن حزم، واحتجوا:

بعموم قوله تعالى: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة} (١).

قال صديق حسن خان - رحمه الله -: «الآية الكريمة عامة يدخل تحتها الحرُّ والعبد، والغضاضة بقذف العبد للحر أشد منها بقذف الحر للحر، وليس في حد القذف ما يدل على تنصيفه للعبد، لا من الكتاب ولا من السنة، ومعظم ما وقع التعويل عليه هو قوله تعالى في حد الزنا: {فعليهن نصف ما على المحصنات من

العذاب} (٢). ولا يخفى أن ذلك في حد آخر غير حد القذف، فإلحاق أحد الحدين بالآخر فيه إشكال، لاسيما مع اختلاف العلة، وكون أحدهما حقًّا لله محضًا، والآخر مشوبًا بحق آدمي» اهـ (٣).

قلت: ويقول الجمهور أقول، لفعل الخلفاء الراشدين، والله أعلم.

العقوبة الثانية: رَدُّ شهادة القاذف:

وقد اتفقت الأمة على أن القاذف إذا حُدَّ للقذف، لم تُقبلْ شهادته بعد ذلك ما لم يَتُبْ، وقد نصَّ القرآن على ذلك، قال سبحانه: {ولا تقبلوا لهم شهادة أبدًا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا ...} (٤).

حكم قبول شهادته بعد توبته:

ثم اختلف أهل العلم في القاذف إذا تاب - وقد حُدَّ بقذفه - هل تقبل شهادته بعد ذلك؟ على قولين مشهورين (٥):

الأول: لا تقبل شهادة المحدود في قذف ولو تاب: وهو مذهب أبي حنيفة، وطائفة من السلف منهم: القاضي شريح وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير ومكحول وعبد الرحمن بن زيد، وحجة هذا القول ما يلي:


(١) سورة النساء: ٢٥.
(٢) سورة النساء: ٢٥.
(٣) «الروضة الندية شرح الدرر البهية» (ص: ٢٨١ - ٢٨٢).
(٤) سورة النور: ٤، ٥.
(٥) «البدائع» (٦/ ٢٧١)، و «فتح القدير» (٦/ ٤٧٥)، و «نهاية المحتاج» (٨/ ٢٩١)، و «جواهر الإكليل» (٢/ ٢٣٥)، و «المجموع» (٢٢/ ١٠١)، و «المغني» (١٢/ ٧٦)، و «تفسير ابن كثير (٣/ ٢٥٧)، و «التشريع الجنائي» (٢/ ٤٩١)، و «الحدود والتعزيرات» (ص: ٢٢٥ - ٢٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>