للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأخذ، ولا يجب حد السرقة إلا يتوفر شروط تتعلق بكل ركن من هذه الأركان، وإليك أهم هذه الشروط وما يتعلق بها من مناقشات:

أولًا: شروط تعتبر في السارق: يشترط في السارق حتى يستوجب حدَّ السرقة ما يلي:

١، ٢ - التكليف والاختيار: فلا يُحدُّ غير المكلف، كالمجنون والصغير، فإذا سرق الصغير أُدِّب.

وكذلك لا يحدُّ المكره الذي لا اختيار له، وقد تقدمت أدلة هذين الشرطين

مرارًا.

٣ - القصد: بمعنى أن يكون عالمًا بتحريم السرقة، وأنه يأخذ مالًا مملوكًا لغيره دون علم مالكه وإرادته، وأن تنصرف نيته إلى تملكه.

٤ - انتفاء الشبهة: بمعنى أن لا يكون للسارق شبهة في المال المسروق، فإن الحدَّ يُدرأ بالشبهة.

ومن الشبهات التي يذكرها العلماء في هذا الباب ما يلي:

(أ) أن يسرق من شيء له فيه حق (١): وهذا له صور، منها:

١ - سرقة الوالد من مال ولده: فهذه شبهة دارئة للحدِّ في قول عامة أهل العلم من الأئمة الأربعة وغيرهم، فلا يُقطع عندهم الوالد فيما أخذ من مال ولده، لأنه أخذ ما يحق له أخذه، فعن جابر - رضي الله عنه -: أن رجلًا قال: يا رسول الله، إن لي مالًا وولدًا، وإن أبي يريد أن يجتاح مالي، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «أنت ومالك لأبيك» (٢).

واللام في قوله (لأبيك) للتمليك، ففي هذا شبهة الانبساط بين الأب وابنه، فلا يجوز قطع من أخذ ما جعله النبي - صلى الله عليه وسلم - مالًا له مضافًا إليه.

قال الشافعي: وكذلك الأجداد والجدات، كيف كانوا، لا قطع عليهم فيما سرقوه من مال من تليه ولادتهم.

وخالف ابن حزم فقال: يُقطع الوالد - كغيره - إذا سرق من مال ابنه لعموم آية


(١) «فتح القدير» (٥/ ١٤٤)، و «جواهر الإكليل» (٢/ ٢٩٣)، و «نهاية المحتاج» (٧/ ٤٣٥)، و «المغني» (١٠/ ٢٨٤)، و «كشاف القناع» (٦/ ١٤١)، و «الحدود والتعزيرات» (ص: ٣٧٨).
(٢) صحيح بمجموع الطرق: وانظر «الإرواء» (٨٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>