للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بعض ليست شبهة تدرأ الحد عن السارق، ولهذا أوجبوا القطع على من سرق من مال ذي رحم، محرمًا أو غير محرم.

قلت: وهو الصواب لعموم آية القطع، ولا دليل على تخصيصها بغير الأقارب.

٤ - سرقة أحد الزوجين من الآخر (١):

ذهب جمهور الفقهاء إلى عدم إقامة الحد إذا سرق أحد الزوجين من مال الآخر، وكانت السرقة من حرز قد اشتركا في سكناه، لاختلال شرط الحرز،

وللانبساط بينهما في الأموال عادة، ولأن بينهما سببًا يوجب التوارث بغير حجب (!!).

أما إذا كانت السرقة من حرز لم يشتركا في سكناه، أو اشتركا في سكناه ولكن أحدهما منع من الآخر مالًا أو حجبه عنه، فاختلف الفقهاء في ذلك على ثلاثة أقوال:

الأول: لا قطع على واحد منهما: وهو قول أبي حنيفة وقول عند الشافعية والرواية الراجحة عند الحنابلة، قالوا: وذلك لما بين الزوجين من الانبساط في الأموال عادة ودلالة، وقياسًا على الأصول والفروع، ولأن بينهما سببًا يوجب التوارث من غير حجب.

واستدل بعضهم بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عنهم، والمرأة راعية على بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها ...» (٢).

قالوا: فكلاهما كالمودَّع والمأذون له في الدخول، فلا يقطع بسرقته منه.

الثاني: يُقطع الزوج دون زوجته: وهو قول للشافعية فيقطع الزوج إذا سرق من مال زوجته ما هو محرز عنه، ولا تقطع الزوجة إذا سرقت من مال زوجها ولو كان محرزًا عنها، قالوا: لأن الزوجة تستحق النفقة على زوجها، فصار لها شبهة تدرأ عنها الحد (!!) وربما استدلوا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لهند بنت عتبة إذ أخبرته أن أبا سفيان لا يعطيها ما يكفيها وولدها، فقال - صلى الله عليه

وسلم -: «خذي ما يكفيك وولدك


(١) «البدائع» (٥/ ٧٥)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١٦٢)، و «المدونة» (١٦/ ٧٦)، و «المغني» (١٠/ ٢٨٧)، و «كشاف القناع» (٦/ ١٤١)، و «المحلي» (١١/ ٣٤٧).
(٢) صحيح: أخرجه البخاري (٨٩٣)، ومسلم (١٨٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>