للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وذهب المالكية - وهو المرجوح عند الشافعية - إلى أنه يقطع، لعموم نص

الآية، وضعف الشبهة؛ لأنه سرق مالًا من حرز لا شبهة له فيه بعينه ولا حق له فيه قبل حاجته، ووافقهم ابن حزم على قاعدته في أن من أخذ فوق نصيبه يقطع إذا كان نصابًا.

وأما الشافعية ففرَّقوا بين كون المال محرزًا لطائفة هو أو أحد أصوله أو فروعه منها، فلا قطع لوجود الشبهة، وبين أن يكون المال محرزًا لطائفة ليس منها فيقطع.

٧ - سرقة العبد من مال سيِّده:

ذهب عامة أهل العلم إلى أن العبد لا يقطع فيما سرق من مال سيده، لقضاء جماعة من السلف بذلك، فعن السائب بن يزيد: أن عبد الله بن عمرو الحضرمي جاء بغلام له إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، فقال له: اقطع يد هذا، فإنه سرق، فقال له عمر: «ما سرق؟» فقال: سرق مرآة لامرأتي ثمنها ستون درهمًا، فقال عمر: «أرسله، فإنه ليس عليه قطع، خادمكم سرق متاعكم» (١).

وعن عمر بن شرحبيل قال: «جاء معقل المزني إلى عبد الله [بن مسعود] فقال: غلامي سرق قبائي، فأقطعه؟ قال عبد الله: لا، مالك بعضه في بعض» (٢).

وقد ذكر ابن قدامة طرفًا من القضايا بنحو هذا عن السلف ثم قال: «وهذه قضايا تشتهر، ولم يخالفها أحد فتكون إجماعًا، وهذا يخص عموم الآية، ولأن هذا إجماع من أهل العلم؛ لأنه قول من سمينا من الأئمة ولم يخالفهم في عصرهم أحد

فلا يجوز خلافه بقول من بعدهم، كما لا يجوز ترك إجماع الصحابة بقول أحد من التابعين» اهـ (٣).

٨ - السرقة من مال المدين (٤):

اختلف الفقهاء في وجوب الحدِّ على الدائن إذا سرق من مال مدينه، على النحو الآتي:


(١) إسناده صحيح: أخرجه مالك (١٥٨٤)، وعنه الشافعي (٢٦٧)، وعبد الرزاق (١٠/ ٢١٠)، والبيهقي (٨/ ٢٨١)، والدارقطني (٣/ ١٨٨).
(٢) إسناده صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة، والبيهقي (٨/ ٢٨١).
(٣) «المغني» لابن قدامة (١٠/ ٢٨٥).
(٤) «البدائع» (٧/ ٧٢)، و «ابن عابدين» (٤/ ٩٤)، و «الدسوقي» (٤/ ٣٣٧)، و «منح الجليل» (٤/ ٥٢٦)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١٦٢)، و «المغني» (١٠/ ٢٨٨)، و «كشاف القناع» (٦/ ١٤٣)، و «المحلي» (١١/ ٣٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>