للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(أ) إن كان المدين غنيًّا غير جاحد للدَّيْن، أو كان الدين مؤجلًا لم يحل أجله، فقال المالكية والشافعية والحنابلة: يقام عليه الحد - إذا كان المسروق نصابًا - إذ لا شبهة له في الأخذ ما دام الوصول إليه ميسورًا.

وأما الحنفية فلا يقام عليه الحد عندهم على كل حال ما دام المسروق من جنس الدين!!

(ب) إذا كان المدين جاحدًا للدين أو مماطلًا فسرق مقدار حقه، فقالوا جميعًا: لا يقام عليه الحد.

(جـ) فإن أخذ أكثر من حقه (دينه) بما يبلغ نصابًا، فقال المالكية: يُقطع لتعدِّيه بأخذ ما ليس من حقه، وكذا قال ابن حزم إلا أنه استثنى ما إذا لم يصل إلى حقه إلا بما فعل ولا قدر على أخذ حقه خالصًا، فلا يقطع وعليه أن يردَّ الزائد.

وقال الشافعية والحنابلة: لا يقطع، لأن المال لم يبق محرزًا عنه ما دام قد أبيح له الدخول لاستيفاء حقِّه، لكن قيَّده ألحنابلة بأن يكون أخذ الزائد من نفس المكان الذي فيه المال، فإن أخذ الزائد من غير الحرز الذي فيه ماله وجب القطع لعدم الشبهة.

(ب) شبهة: اضطرار السارق أو حاجته (١):

فالاضطرار شبهة تدرأ الحدَّ، والضرورة تبيح للآدمي أن يتناول من مال الغير بقدر الحاجة ليدفع الهلاك عن نفسه، فمن سرق ليردَّ جوعًا أو عطشًا مهلكًا فلا عقاب عليه، لقوله تعالى: {فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه} (٢). ولعموم قول سبحانه: {ولا تقتلوا أنفسكم} (٣).

والحاجة أقل من الضرورة، فهي كل حالة يترتب عليها حرج شديد وضيق بيِّن، ولذا فإنها تصلح شبهة لدرء الحد، ولكنها لا تمنع الضمان والتعزير.

من أجل ذلك أجمع الفقهاء على أنه لا قطع بالسرقة عام المجاعة، وقد قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «لا تقطع في عذق، ولا في عام السنة» (٤).


(١) «المبسوط» (٩/ ١٤٠)، و «قليوبي وعميرة» (٤/ ١٦٢)، و «المغني» (١٠/ ٢٨٨)، و «المحلي» (١١/ ٣٤٣)، و «الفتاوى الهندية» (٢/ ١٧٦).
(٢) سورة البقرة: ١٧٣.
(٣) سورة النساء: ٢٩.
(٤) ضعيف: أخرجه عبد الرزاق (١٠/ ٢٤٢)، وابن حزم في «المحلي» (١١/ ٣٤٣)، وانظر «الإرواء» (٢٤٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>