للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تحت رأسه، فأخذ صفوان السارق، فجاء به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقطع يده، فقال صفوان: إني لم أُرد هذا، هو عليه صدقة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «فهلَّا قبل أن

تأتيني به؟» (١).

بينما ذهب مالك - وهو الرواية الأخرى عن أحمد - إلى أنه لا تشترط المطالبة لعموم الآية إذ ليس فيها اشتراط مطالبة المسروق منه بماله، وهو متعقب بحديث صفوان، وهو مخصص لعموم الآية.

٢ - أن يكون له يد صحيحة على المسروق (٢): أي يكون المسروق منه مالكًا للمسروق أو وكيلًا لمالكه أو مودعًا أو مستعيرًا أو دائنًا مرتهنًا أو مستأجرًا ونحو ذلك؛ لأن هؤلاء ينوبون عن المالك في حفظ المال وإحرازه.

فإذا لم يكن للمسروق منه يد صحيحة على المال كأن يكون غاصبًا له أو سارقًا، فذهب الحنابلة والشافعية - في الراجح عندهم - إلى أنه لا يقام عليه الحدُّ، لأن من يأخذ من يد أخرى فكأنه وجد مالًا ضائعًا فأخذه.

وقال المالكية: يقام عليه الحد، لأنه سرق مالًا محرزًا لا شبهة له فيه، لأن يد المالك لهذا المال لا تزال باقية عليه رغم سرقته أو غصبه، وهو قول مرجوح للشافعية.

وفرَّق الحنفية بين السارق من الغاصب - فيقطع لأن يده يد ضمان فهي يدٌ صحيحة - وبين السارق من السارق فلا يقطع لأن يده ليست يد مالك ولا يد أمانة ولا يد ضمان، فلا تكون صحيحة.

قلت: والأظهر أنه يقام عليه الحد ما دام في حرز غيره، ولا دليل على اعتبار صحة يده عليه من عدمها، والله أعلم.

٣ - أن يكون المسروق منه معصوم الدم (٣): بأن يكون مسلمًا لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم ...» الحديث (٤). أو ذميًّا، فيحد السارق المسلم أو الذمي إذا سرق الذمي عند جمهور الفقهاء.


(١) صحيح: أخرجه أبو داود (٤٣٩٤)، والنسائي (٨/ ٦٨، ٦٩، ٧٠)، وابن ماجة (٢٥٩٥)، وأحمد (٦/ ٤٦٥)، والبيهقي (٨/ ٢٦٥)، والحاكم (٤/ ٣٨٠)، وابن الجارود (٨٢٨).
(٢) «البدائع» (٧/ ٧١)، و «المدونة» (٦/ ١٩)، و «المهذب» (٢/ ٢٩٩)، و «كشاف القناع» (٦/ ١٤٠١).
(٣) «البدائع» (٧/ ٦٩)، و «المدونة» (٦/ ٢٧٠)، و «المهذب» (٢/ ٢٥٦)، و «المغني» (١٠/ ٧٦).
(٤) صحيح: أخرجه مسلم (١٢١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>