وأما إذا كان المسروق منه حربيًّا فلا يقام الحد على السارق المسلم أو الذمي باتفاق الفقهاء لأن مال الحربي هدر بالنسبة لهما.
وأما مال المستأمن، فقال الحنفية - عدا زفر - والشافعية: لا يقام الحد على المسلم إذا سرق من ماله، لأن في ماله شبهة الإباحة باعتبار أنه من دار الحرب.
وقال المالكية والحنابلة - وزفر من الحنفية -: مال المستأمن معصوم، فإذا سرق منه مسلم أو ذمي أقيم عليه الحد.
ثالثًا: شروط تعتبر في المال المسروق:
١ - أن يكون مالًا متقوَّمًا (محترمًا شرعًا) (١):
فلو سرق ما لا قيمة له في نظر الشرع، كالخنزير والخمر والميتة وآلات اللهو،
والكتب المحرَّمة، والصليب والصنم - فلا قطع عليه عند عامة الفقهاء، ويحسن ههنا التنبيه على الفوائد التالية:
(أ) يرى المالكية وأبو يوسف من الحنفية أن من سرق آنية فيها خمر، وكانت قمة الآنية بدون الخمر تبلغ النصاب، أقيم عليه الحد، وكذلك لو سرق صليبًا يبلغ النصاب عند أبي يوسف وابن حزم.
(ب) يرى الشافعية أن من سرق آلات اللهو أو آنية الذهب والفضة أو الصنم أو الصليب أو الكتب غير المحترمة شرعًا، يقام عليه الحد إذا بلغت قيمة ما سرق نصابًا بعد كسره أو إفساده.
وكذلك قال المالكية وقيدوه بأن يكسره داخل الحرز.
وأما الحنابلة فلا يقطع وإن بلغت بعد إتلافها نصابًا؛ لأنها تعين على المعصية فكان له الحق في أخذها وكسرها، وفي ذلك شبهة تدرأ الحد، لكن لو كان على هذه الآلات حلية تبلغ نصابًا ففي إقامة الحد بسرقتها عندهم روايتان:
(أ) إذا سرق خمرًا من ذمي، فقال أبو حنيفة ومالك والثوري: لا قطع
(١) «البدائع» (٧/ ٦٧ - ٦٩)، و «ابن عابدين» (٣/ ٢٧٣ - ٢٧٥)، و «فتح القدير» (٤/ ٢٢٧ - ٢٣٢)، و «المدونة» (١٦/ ٧٧)، و «الدسوقي» (٤/ ٣٣٦)، و «الخرشي» (٨/ ٩٦)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١٧٣)، و «نهاية المحتاج» (٧/ ٤٢١)، و «قليوبي وعميرة» (٤/ ١٠٩٥)، و «المغني» (١٠/ ٢٤ - ٢٨٤)، و «كشاف القناع» (٦/ ٧٨، ١٣٠)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٣٦٤)، و «المحلي» (١١/ ٣٣٤ - ٣٣٨).