للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليه، ولكن يغرم لها مثلها (!!) وقال الشافعي وأحمد وأصحابهما: لا قطع عليه في ذلك ولا ضمان، وانتصر له ابن حزم، وهو الأقوى.

(ر) يرى ابن حزم أن من سرق ميتة فإنه يقطع، قال: لأن جلدها باق على ملك صاحبها يدبغه فينتفع به ويبيعه.

(هـ) هل يقطع من سرق إنسانًا حُرًّا؟ (١)

ذهب أبو حنيفة والثوري والشافعي وأحمد وأبو ثور إلى أن من سرق إنسانًا حرًّا فلا يقام عليه الحدُّ سواء كان صغيرًا أو كبيرًا، لأنه سرق ما ليس بمال، حتى لو كان يرتدي ثيابًا غالية الثمن أو يحمل حلية تساوي نصابًا، لأن ذلك تابع للصبي.

وعند الحنابلة رواية: أنه إن قصد بسرقته المال قطع.

وذهب الحسن البصري والشعبي ومالك وإسحاق وابن حزم إلى أن من سرق الحر يقطع، لما يُروى عن عائشة «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أُتي برجل يسرق الصبيان، ثم يخرج فيبيعهم في أرض أخرى، فأمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقطعت يده» (٢).

وأما العبد الصغير الذي لا يفهم فإن سارقه سارق مال فعليه القطع بلا خلاف بين أهل العلم، فإذا كان مميزًا فإن بعضهم قد أسقط القطع عن سارقه، لأنه لولا أنه أطاعه ما أمكنه سرقته!! قال ابن حزم: وهذا لا ينبغي أن يُطلق إطلاقًا لأنه من الممكن أن يسرقه وهو نائم أو سكران أو مغمى عليه أو متغلبًا عليه متهددًا بالقتل. قلا يقدر على الامتناع، فإذا كان كذلك فهي سرقة صحيحة قد تمت منه فيقطع بنص القرآن (٣).

(و) هل يشترط في المال المسروق ألا يتسارع إليه الفساد؟ (٤)

أسقط الحنفية - خلافًا للجمهور - القطع في سرقة ما يتسارع إليه الفساد:

كاللبن واللحم أو الثمار والفواكه الرطبة، وأما إذا كانت الثمار يابسة وآواها الجرين ففيها القطع.


(١) المراجع السابقة، و «المحلي» (١١/ ٢٣٦ - ٢٣٧).
(٢) باطل: أخرجه الدارقطني (٢/ ٢٠٢)، وضعَّفه، والبيهقي (٨/ ٢٦٨)، وقال الألباني في «الإرواء» (٢٤٠٧): موضوع.
(٣) «المحلي» لابن حزم (١١/ ٢٣٦).
(٤) «فتح القدير» (٥/ ١٣٠)، و «المغني» (١٠/ ٢٤٧)، و «الحدود والتعزيرات» (ص: ٣٦٧) وما تقدم من المراجع.

<<  <  ج: ص:  >  >>