للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إليه، فصح أن القطع واجب في سرقة المصحف، كانت عليه حلية أو لم تكن لقوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} (١). وكذلك القول في كتب العلم النافعة، والله أعلم.

٢ - أن يبلغ المسروق نصابًا:

المراد بالنصاب هنا: الحد الأدنى الذي لو سرق أقل منه لم يقطع، وإذا سرقه قطع.

وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى عدم إقامة الحد إلا إذا بلغ المال المسروق نصابًا، لكنهم اختلفوا في تحديد مقدار هذا النصاب اختلافًا كبيرًا على ما يقرب من عشرين مذهبًا (!!)، وأشهر هذه المذاهب أربعة:

الأول: لا يقطع إلا في دينار أو عشرة دراهم (٢): وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه، وهو قول عطاء، واحتجوا بما يلي (٣):

١ - حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا: «لا قطع فيما دون عشرة دراهم» (٤).

وفي لفظ: «لا تقطع يد السارق فيما دون ثمن المِجَنِّ».

وقد اختلفوا في تحديد ثمن المجن، فمنهم من قَدَّره بثلاثة دراهم، ومنهم من قدَّره بأربعة، ومنهم من قدرة بخمسة، ومنهم من قدَّره بعشرة، فرأى الحنفية أن الأخذ بالأكثر أولى، لأن في الأقل احتمالًا يورث شبهة تدرأ الحد.

٢ - حديث ابن عباس قال: «قطع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا في مجن قيمته دينار أو عشرة دراهم» (٥) وأجيب: بأنه لا دلالة فيه على أنه لا يقطع بما دونه.

الثاني: النصاب الذي يجب القطع بسرقته، ربع دينار من الذهب، أو ثلاثة دراهم من الفضة أو ما قيمته ثلاثة دراهم من غيرهما: بمعنى أن كل واحد من الذهب والفضة معتبر بنفسه، فإذا كان المسروق من غير الذهب أو الفضة قُوِّم


(١) سورة المائدة: ٣٨.
(٢) الدينار: نقد من الذهب، كان وزنه في الدولة الإسلامية يعادل (٤. ٢٥) جرامًا، والدرهم: نقد من الفضة، كان وزنه في الدولة الإسلامية يعادل (٢. ٩٧٥) جرامًا.
(٣) «البدائع» (٧/ ٧٧)، و «فتح القدير» (٤/ ٢٢٠)، و «المبسوط» (٩/ ١٣٧).
(٤) ضعيف: أخرجه بهذا اللفظ الدارقطني (٤/ ١٩٣) بسند ضعيف وله ألفاظ، انظر: «فتح الباري» (١٢/ ١٠٥).
(٥) إسناده ضعيف: أخرجه أبو داود (٤٣٨٧)، وله عند النسائي (٤٩٤٧) شاهد مرسل.

<<  <  ج: ص:  >  >>