للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - قصة إسلام أسيد بن حضير وفيها أنه سأل مصعب بن عمير وأسعد بن زرارة: كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين؟ فقالا: «تغتسل فتطهر وتطهر ثوبيك ثم تشهد شهادة الحق ثم تصلي ....» الحديث (١).

الثاني: يستحب الغسل للكافر، إلا إذا كان على جنابة قبل إسلامه فيجب الغُسل: وهو مذهب الشافعي وقول عند الحنفية (٢).

الثالث: لا يجب عليه الغُسل مطلقًا: وهو مذهب أبي حنيفة (٣).

واستدل الفريقان بما يلي:

١ - قوله تعالى: {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ} (٤).

٢ - حديث عمرو بن العاص مرفوعًا: «الإسلام يهدم ما قبله» (٥).

وفي الاستدلال بالآية والحديث نظر: فالمراد بهما غفران الذنوب، فقد أجمعوا على أن الذي أسلم لو كان عليه دين أو قصاص لا يسقط بإسلامه، ولأن إيجاب الغسل ليس مؤاخذة وتكليفًا بما وجب في الكفر، بل هو إلزام شرط من شروط الصلاة في الإسلام فإنه جنب، والصلاة لا تصح من الجنب، ولا يخرج بإسلامه عن كونه جنبًا (٦).

٣ - قالوا: أسلم خلق كثير لهم الزوجات والأولاد، ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالغسل وجوبًا، ولو وجب لأمرهم به.

وفيه نظر: «فالظاهر الوجوب لأن أمر البعض قد وقع به التبليغ، ودعوى عدم الأمر لمن عداهم لا يصلح متمسكًا لأن غاية ما فيها عدم العلم بذلك، وهو ليس علمًا بالعدم» (٧). فالأرجح أنه يجب على الكافر -سواء كان أصليًّا أو مرتدًّا- إذا أسلم أن يغتسل مطلقًا، ومما يشعر بأن الاغتسال عند الدخول في الإسلام كان


(١) إسناده صحيح: أخرجه الطبري في «التاريخ» (١/ ٥٦٠)، وابن هشام في «السيرة» (٢/ ٢٨٥).
(٢) «المجموع» (١/ ١٧٤)، و «الأم» (١/ ٣٨) و «ابن عابدين» (١/ ١٦٧).
(٣) «المبسوط» و «شرح فتح القدير» (١/ ٥٩).
(٤) سورة الأنفال، الآية: ٣٨.
(٥) صحيح: أخرجه مسلم (١٢١) من حديث عمرو بن العاص.
(٦) «المجموع» (٢/ ١٧٤).
(٧) «نيل الأوطار» (١/ ٢٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>