للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: لا قطع عليه، وإنما يضرب ويُحبس، وهو مذهب عطاء بن أبي رباح - رحمه الله - فعن ابن جريج أنه قال لعطاء: إن سرق ثانية؟ قال: ما أرى أن تقطع إلا في السرقة الأولى اليد فقط، قال الله تعالى: {فاقطعوا أيديهما} (١). ولو شاء أمر

بالرِّجْل، ولم يكن الله تعالى نسيًّا (٢).

الثاني: تُقطع يده اليسرى فإن عاد فلا قطع عليه وإنما يعزَّر بالضرب والحبس وهو مذهب ربيعة وداود وابن حزم الظاهريين؛ لأن الله تعالى أمر بقطع الأيدي وهي تشمل اليمنى واليسرى، وإدخال الأرجل في القطع زيادة على النص، ولأنها آلة السرقة والبطش، فكانت العقوبة بقطعها أولى.

الثالث: تُقطع رجلُه اليُسرى، وهو مذهب عامة الفقهاء وجماهير أهل العلم من الأئمة الأربعة وغيرهم، وهو مروي عن أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما -.

واستدلوا بجملة أحاديث مرفوعة تشتمل على هذا الحكم، إلا أنها جميعًا ضعيفة لا تقوم يها الحجة، وكذلك استندوا إلى آثار عن الصحابة - رضي الله عنهم -، وسيأتي ذكر طرف من هذه الأحاديث والآثار عما قريب، إن شاء الله.

قال ابن عبد البر: «ثبت عن الصحابة - رضي الله عنهم - قطع الرجل بعد اليد وهم يقرءون {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} (٣).

قلت: وثبت عن عمرو بن دينار أن نجدة بن عامر كتب إلى ابن عباس: السارق يسرق فتُقطع يده، ثم يعود فتقطع يده الأخرى؟ قال الله تعالى: {فاقطعوا أيديهما}. قال: قال: «بلى، ولكن ورجله من خلاف» (٤).

وثبت عن عائشة - في قصة الرجل الأسود الذي كان أبو بكر يُدنيه يقرئه

القرآن ثم قطعت يده في سرقة - قالت: «... ثم أدناه [أي: أبو بكر] ولم يحول منزلته التي كانت له منه، فلم يغب إلا قليلًا حتى فقد آلُ أبي بكر حليًّا لهم ومتاعًا، فقال أبو بكر: طرق الحي الليلة، فقام الأقطع فاستقبل القبلة، ورفع يده الصحيحة والأخرى التي قطعت، فقال: اللهم أظهره على من سرقهم - أو نحو


(١) سورة المائدة: ٣٨.
(٢) إسناده صحيح: أخرجه عبد الرزاق، ومن طريقه ابن حزم في «المحلي» (١١/ ٣٥٤).
(٣) سورة المائدة: ٣٨.
(٤) إسناده صحيح: أخرجه عبد الرزاق (١٠/ ١٨٥)، وابن حزم في «المحلي» (١١/ ٣٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>