للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا - فما انصرف النهار حتى ظهر المتاع عنده، فقال له أبو بكر: ويلك، إنك لقليل العلم بالله، فأمر به فقطعت رجله» (١).

وعن ابن عباس قال: «رأيت عمر بن الخطاب قطع يد رجلٍ، بعد يده ورجله» (٢).

(ب) إذا عاد للسرقة ثالثة ورابعة وخامسة:

ثم اختلف هؤلاء - أعني الجمهور - فيما إذا عاد السارق للسرقة - بعد قطع رجله اليسرى - ثالثة ورابعة وخامسة، على ثلاثة أقوال كذلك:

الأول: لا قطع عليه في المرة الثالثة، وإنما يضرب ويحبس: وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه وأحمد في المشهور عنه - وهو المذهب - وبه قال الحسن والشعبي والثوري والزهري والنخعي والأوزاعي وحماد، وهو مروي عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب - رضي الله عنهما - وحجة هذا القول ما يلي:

١ - عن عمر - رضي الله عنه - أنه «أُتي برجل قد سرق يقال له سدوم، فقطعه ثم أتى به الثانية فقطعه، ثم أتى به الثالثة فأراد أن يقطعه، فقال له عليٌّ: «لا

تفعل، إنما عليه يد ورجل، ولكن أحبسه» وفي لفظ: «فحبسه عمر» (٣).

٢ - وعن أبي الضحى قال: «كان عليُّ بن أبي طالب لا يزيد في السرقة على قطع اليد والرجل».

٣ - وعن عبد ألله بن مسلمة: أن علي بن أبي طالب أتى بسارق فقطع يده، ثم أتى به فقطع رجله، ثم أُتي به الثالثة، فقال: «إني استحيي أن أقطع يده، فبأي شيء يأكل؟! أو أقطع رجله، فعلى أي شيء يعتمد؟!» فضربه وحبسه (٤).

٤ - ولأن في قطع اليدين تفويت منفعة الجنس، فلم يُشرع في حدٍّ، كالقتل.

٥ - ولأنه لو جاز قطع اليدين لقطعت اليسرى في المرة الثانية؛ لأنها آلة البطش كاليمنى، وإنما لم تقطع للمفسدة في قطعها.


(١) إسناده صحيح: أخرجه عبد الرزاق (١٠/ ١٨٨).
(٢) إسناده صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة، والدارقطني، والبيهقي (٨/ ٢٧٣)، لكن وجدته عند عبد الرزاق (١٠/ ١٨٧) بسند صحيح عن عكرمة عن ابن عباس بلفظ «... قطع رِجْل رجل ...»؟!
(٣) إسناده حسن: أخرجه عبد الرزاق (١٠/ ١٨٦)، والبيهقي (٨/ ٢٧٤).
(٤) إسناده لين: أخرجه عبد الرزاق (١٠/ ١٨٦)، والبيهقي (٨/ ٢٧٥)، وابن حزم (١١/ ٣٥٥)، وعبد الله بن مسلمة تغير حفظه لكنه توبع، وانظر: «الإرواء» (٨/ ٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>