للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله إنما سرق، فقال: «اقطعوه» قال: فقطع، ثم جيء به الثانية، فقال: «اقتلوه» فقالوا: يا رسول الله، إنما سرق، قال: «اقطعوه» .. فأتي به الخامسة فقال: «اقتلوه» قال جابر: فانطلقنا به فقتلناه، ثم اجتررناه فألقيناه في بئر، ورمينا عليه الحجارة (١) وهو ضعيف.

٢ - حديث الحارث بن حاطب بنحو حديث جابر مع شيء من المغايرة في لفظه، وهو منكر كما قال النسائي والذهبي (٢).

٣ - حديث عبد الله بن زيد الجهني - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من سرق متاعًا فاقطعوا يده، فإن سرق فاقطعوا رجله، فإن سرق فاقطعوا يده، فإن سرق فاقطعوا رجله، فإن سرق فاضربوا عنقه» (٣) وسنده تالف.

وقد أجاب العلماء عن حديث جابر بأنه ضعيف، وعلى فرض صحته، فقيل: منسوخ، وهو محكي عن الشافعي، وناسخه هو عين الناسخ لقتل شارب الخمر في الرابعة - على ما تقدم - وقيل: هذه حكومة مختصة بهذا الرجل وقد علم

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن المصلحة في قتله، ولذلك أمر بقتله من أول مرة، وقيل: يخرج على أن هذا الرجل كان من المفسدين في الأرض، وهذا يعزي للإمام مالك، رحمه الله.

الترجيح:

الذي يظهر لي بعد هذا العرض لمذاهب العلماء ودراسة أدلتهم أن أقوى هذه الأقوال الأول، القائل، بأن السارق إذا كرَّر السرقة ثانية - بعد قطع يده اليمنى - فإنه تقطع رجله اليسرى، ثم لا قطع عليه إن عاد، وإنما يضرب ويحبس - ولو مدى الحياة - حتى يظهر الصلاح، لقضاء الصحابة - رضي الله عنهم - بذلك.

ولو ذهب ذاهب إلى قول ربيعة وابن حزم من أنه تقطع يده اليسرى في الثانية - بعد اليمنى - ثم لا قطع عليه وإنما يُعزَّر، فلا يكون بعيدًا ولا شاذًّا كما قيل، والله أعلم.


(١) ضعيف: أخرجه أبو داود (٤٤١٠)، والنسائي (٨/ ٨٣)، والبيهقي (٨/ ٢٧٢) وقال النسائي: حديث منكر، وقال ابن عبد البر: منكر لا أصل له، وقد قوَّاه الألباني في «الإرواء» (٨/ ٨٦ - ٨٨) بطريق أخرى، وبشواهد أرى أنها تعلُّه بالاضطراب.
(٢) منكر: أخرجه النسائي (٨/ ٨٣)، والحاكم (٤/ ٣٨٢)، (٨/ ٢٧٢) وحكم بنكارته النسائي والذهبي.
(٣) منكر: أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (٢/ ٦) ثم قال: تفرَّد حزام (صوابه: حزم) بن عثمان وهو من الضعف بالمحل العظيم. اهـ. وقال الذهبي: متروك مبتدع. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>