للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - السلاح (١):

اشترط الحنفية والحنابلة - في المحارب- أن يكون معه سلاح، ولو الحجارة والعصى؛ لأنه أداة الإخافة، فإن تعرضوا للناس بشيء من ذلك فهم محاربون وإلا فلا.

وأما المالكية والشافعية وابن حزم فلم يشترطوا في المحارب حمل السلاح، بل يكفي عندهم القهر والغلبة وأخذ المال، ولو باللكز والضرب بجمع الكف.

قلت: ولعلَّ الأخير أظهر، وكأنه اختيار شيخ الإسلام إذ قال: «والصواب: أن من قاتل على أخذ المال بأي نوع كان من أنواع القتال فهو محارب قاطع» اهـ.

٥ - البعد عن العمران (٢):

اشترط أبو حنيفة - وهو المذهب عند الحنابلة - في الحرابة: البعد عن العمران (في الصحراء مثلًا) فإن حصل منهم الإرعاب وأخذ المال في القرى والأمصار فليسوا محاربين، قالوا: لأن قطع الطريق إنما هو في الصحراء، ولأن من في القرى والأمصار يلحقه الغوث غالبًا فتذهب شوكة المعتدين، ويكونون مختلسين، وهو ليس يقاطع، ولا حدَّ عليه.

بينما ذهب الجمهور: منهم مالك والشافعي وأبو يوسف من الحنفية وكثير من أصحاب أحمد، وابن حزم - وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية - إلى أنه لا يشترط البعد عن العمران، بل يشترط فقد الغوث، ولفقد الغوث أسباب كثيرة لا تنحصر في البعد عن العمران.

فلو دخل قوم بيتًا وشهروا السلاح ومنعوا أهل البيت من الاستغاثة فهم قطاع طرق في حقهم.

واستدل الجمهور بعموم آية المحاربة، وبأن ذلك إذا وجد في العمران كان أعظم خوفًا وأكثر ضررًا، فكان أولى بحد الحرابة.


(١) «ابن عابدين» (٣/ ٢١٣) و «المدونة» (٦/ ٣٠٣)، و «روضة الطالبين» (١٠/ ١٥٦)، و «المغني» (٨/ ٢٨٨)، و «مجموع الفتاوى» (٢٨/ ١٩٦)، و «المحلي» (١١/ ٣٠٧).
(٢) «ابن عابدين» (٤/ ١١٣)، و «القوانين» (٣١١)، و «الدسوقي» (٤/ ٣٢٨ - مع الشرح الكبير)، و «نهاية المحتاج» (٨/ ٤)، و «روضة الطالبين» (١٠/ ١٥٥)، و «المغني» (٨/ ٢٨٧ - الرياض)، و «المحلي» (١١/ ٣٠٧)، و «مجموع الفتاوى» (٢٨/ ٣١٥، ٣١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>