للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن تيمية: وهذا هو المأثور عن الخلفاء الراشدين، «فإن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قتل ربيئة المحاربين» والربيئة: هو الناظر، الذي يجلس في مكان عالٍ ينظر منه لهم من يجيء ... اهـ.

بينما ذهب الشافعي - رحمه الله - إلى أنه ليس على الردء إلا التعزير، لأن الحد يجب بارتكاب المعصية؛ فلا يتعلق بالمُعين، كسائر الحدود!! قلت: والأوَّل أرجح والله أعلم.

عقوبة المحاربين:

قال الله سبحانه: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم} (١).

هذه العقوبات على التخيير أم على التنويع؟ (٢)

ثم اختلف أهل العلم في هذه العقوبات المذكورة في الآية الكريمة؛ أهي على التخيير أم على التنويع، على قولين:

القول الأول: أنها على التنويع، فتوزع العقوبات على حسب الجنايات، وهذا مذهب الجمهور، واستدل أصحاب هذا القول بما يلي:

١ - أن تفسير ابن عباس لهذه الآية يفيد أن المراد بـ «أو»: التنويع، فقال: «المعنى: أن يُقتلوا إن قتَلوا، أو يُصلَّبوا مع القتل إن قَتَلوا وأخذوا المال، أو تُقطَّع أيديهم وأرجلهم من خلاف إن اقتصروا على أخذ المال، أو يُنفَوا من الأرض إن أرعبوا ولم يأخذوا شيئًا ولم يًقتُلوا».

٢ - قالوا: وتفسيره - رضي الله عنه - إما توقيفًا وإما لغةً، وأيهما كان فهو حجة، يدل عليه أنه بدأ بالأغلظ فالأغلظ.

وعُرْف القرآن: أن ما فيه التخيير يُبدأ فيه بالأخف، ككفارة اليمين، وما يراد به الترتيب يُبدأ فيه بالأغلظ ككفارة الظهار والقتل.


(١) سورة المائدة: ٣٣، ٣٤.
(٢) «البدائع» (٧/ ٩٣)، و «ابن عابدين» (٣/ ٢١٣)، و «الدسوقي» (٤/ ٣٥٠)، و «روضة الطالبين» (١٠/ ١٥٦)، و «نهاية المحتاج» (٨/ ٢٧)، و «المغني» (٨/ ٢٨٩)، و «الإنصاف» (١٠/ ٢٩٢)، و «المحلي» (١١/ ٣١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>