للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرابع: تجب الاستتابة لمن كان كافرًا فأسلم ثم ارتد، دون من كان مسلمًا أصليًّا، وهذا قول عطاء، وهو مروي عن ابن عباس، قالوا: وإنما تشرع الاستتابة

لمن خرج عن الإسلام لا عن بصيرة، فأما من خرج عن بصيرة فلا.

الخامس: لا يستتاب، بل يؤمر بالرجوع إلى الإسلام والسيف على عنقه، فإن أبى ضرب عنقه، وبه قال طائفة من العلماء منهم الإمام الشوكاني - رحمه الله - (١) وعزا الشوكاني القول بوجوب قتله في الحال إلى الحسن (!!) وطاووس وأهل الظاهر (!!!) ونقله ابن المنذر عن معاذ وعبيد بن عمير، وعليه يدل تصرف البخاري في «الصحيح» وذكر شيخنا ابن عثيمين - رحمه الله - أنه رواية عن أحمد.

الراجح:

الذي يظهر لي - والعلم عند الله - أن النص المرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما يدل على وجوب قتل المرتد، فهذا هو الأصل، لكن إن رأى الإمام في إمهاله واستتابته مصلحة فله ذلك، لفعل الصحابة الأخيار - رضي الله عنهم -، ولعموم قوله تعالى: {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم} (٢).

فائدة: اختلف القائلون بالاستتابة: هل يكتفي بالمرة أم لابد من ثلاث؟ وهل الثلاث في مجلس أو في يوم أو في ثلاثة أيام؟ ونقل عن عليٍّ - رضي الله عنه - أنه يستتاب شهرًا، واستتاب أبو موسى عشرين يومًا كما تقدم، وعن النخعي: يستتاب أبدًا (!!).

قلت: المردُّ للمصلحة التي يراها الإمام، والله أعلم.

كيفية توبة المرتد (٣):

إذا نطق المرتد الشهادتين صحت توبته عند الحنفية والشافعية والحنابلة، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قال: لا إله إلا الله، عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله» (٤).

وحيث إن الشهادة يثبت بها إسلام الكافر الأصلي فكذا المرتد، فإذا ادعى المرتد الإسلام ورفض النطق بالشهادتين، لا تصح توبته.


(١) «السيل الجرار» (٤/ ٣٥٢)، و «نيل الأوطار» (٧/ ٢٣٠) ط. دار الحديث.
(٢) سورة التوبة: ٥.
(٣) «ابن عابدين» (٤/ ٢٤٦)، و «أسنى المطالب» (٤/ ١٢٤)، و «الإنصاف» (١٠/ ٣٣٥ - ٣٣٦).
(٤) صحيح: أخرجه البخاري، ومسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>