للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تخليلها لإيصال الماء إليها، والأحوط على كل حال أن يخلل لحيته لعموم قول عائشة: «فيخلل بها أصول شعره».

٨، ٩ - يفيض الماء على سائر جسده، بادئًا بشقه الأيمن ثم الأيسر.

وإفاضة الماء على الجسد ثابتة في جميع الأحاديث الواصفة لغسله صلى الله عليه وسلم.

وأما التيامن، فلحديث عائشة قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمُّن في تنعُّله وترجُّله وطهوره وفي شأنه كله» (١).

فائدتان:

الأولى: الإفاضة على سائر الجسد تكون مرة واحدة: وهذا واضح من سياق حديثي عائشة وميمونة، ففيهما التثليث في غسل اليدين والرأس وأما سائر الجسد فقالت عائشة: «ثم يفيض على جسده كله» وقالت ميمونة: «ثم أفاض على جسده» قال ابن بطال (٢): لأنه لم يقيد بعدد، فحمل على أقل ما يسمى، وهو المرة الواحدة لأن الأصل عدم الزيادة عليها» اهـ.

قلت: وهذا ظاهر مذهب أحمد وأصحاب مالك واختاره شيخ الإسلام، والجمهور على استحباب التثليث.

الثانية: حكم دلك أعضاء الغسل (٣):

اختلف العلماء: هل يشترط في الغسل إمرار اليد على جميع الجسد، أم يكفي فيها إفاضة الماء على جميع الجسد وإن لم يمرر يديه على بدنه؟ وهي مسألة لغوية: هل يتحقق الغسل بإفاضة الماء أم لا يتحقق إلا بالدلك على الشيء؟

فذهب جمهور العلماء -خلافًا لمالك والمزني من الشافعية- إلى أن الدلك لا يجب، بل يستحب في الغسل، فلو صب الإنسان على نفسه الماء على جميع جسده فقد أدى ما أوجب الله عليه، وكذلك لو غطس في الماء فأصاب الماء جميع جسده.

وأدلة الفريقين في هذه المسألة هي عين الأدلة التي تقدمت في حكم المضمضة والاستنشاق.


(١) صحيح: أخرجه البخاري (١٦٨)، ومسلم (٢٦٨).
(٢) «فتح الباري» (١/ ٤٣٩).
(٣) «المحلى» (٢/ ٣٠)، و «الاستذكار» (٣/ ٦٣)، و «المغنى» (١/ ٢٩٠)، و «بداية المجتهد» (١/ ٥٥)، و «السيل الجرار» (١/ ١١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>