للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: التفريق بين بدو الصلاح وعدمه. فتوضح قبل بدو الصلاح ولا توضح بعد بدو الصلاح. وهو قول الجمهور لكن اشترطوا القطع، وقول أبى حنيفة وغيره من الكوفيين والليث. واختاره ابن حزم.

أدلتهم:

١ - عن أنس: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الثمر حتى يزهى قالوا: وما يزهى؟ قال: "تحمر أرأيت إذا منع الله الثمرة بم تستحل مال أخيك" (١).

٢ - عن أبي سعيد الخدرى قال: أصيب رجل في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ثمار ابتاعها فكثر دينه فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "تصدقوا عليه" فتصدق الناس عليه فلم يبلغ ذلك وفاء دينه فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لغرمائه خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك" (٢).

فدل هذين الخبرين على أن الجوائح التي أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بوضعها هى التي تصيب ما بيع من الثمر قبل أن يزهى، وأن الجائحة التي لم يسقطها وألزم المشترى مصيبتها، وأخرجه عن جميع ماله بها هى التي تصيب الثمر المبيع بعد بدو صلاحه.

وأجاب المخالفون:

بأن حديث أنس يجاب عنه بأن التنصيص على الوضع مع البيع قبل الصلاح لا ينافى الوضع مع البيع بعده ولا يصلح مثله لتخصيص عادل على وضع الجوائح ولا لتقييده.

وعن حديث أبى سعيد بأنه غير صالح للاستدلال به على محل النزاع، لأنه لا تصريح فيه بأن ذهاب ثمرة ذلك الرجل كان بعاهات سماوية، وأن عدم نقل تضمين بائع الثمرة لا يصلح للاستدلال به لأنه قد نقل ما يشعر بالتضمين على العموم فلا ينافيه عدم النقل في قضية خاصة.

قلت: وليس فيه أيضًا ما يدل على بدو صلاح الثمرة.

القول الراجح: يتعلق بمسألة جواز بيع الثمرة قبل بدو صلاحها أو عدم جوازه.

• الحكم التكليفي لوضع الجائحة:

على ثلاثة أقوال:


(١) صحيح.
(٢) صحيح: أخرجه مسلم (١١٩١) وأبو داود والترمذي.

<<  <  ج: ص:  >  >>