للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نزاء لا يجوز، لما فيه من الغرر لأن الفحل قد يضرب وقد لا يضرب، وقد تلقح الأنثى وقد لا تلقح، وقد ذهب إلى تحريمه أكثر الصحابة والفقهاء، ورخص فيه الحسن وابن سيرين وهو قول مالك قال: لأنه من باب المصلحة ولو منع منه، لانقطع النسل، وهو كالاستئجار للإرضاع، وتأبير النخل، وما نهت السنة عنه، فلا يجوز المصير إليه بطريق القياس.

أما إعارة الفحل للإنزاء وإطراقه فلا بأس به، ثم لو أكرمه المستعير بشيء يجوز له قبول كرامته: فقد رُوي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل ما حق الإبل؟ قال: "حلبها على الماء، وإعارة دلوها، وإعارة فحلها" (١).

وروى عن أنس بن مالك: "أن رجلًا سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن عسب الفحل فنهاه، فقال: يا رسول الله إنا نطرق الفحل، فنكرم، فرخص له في الكرامة" (٢).

قال معمر عن قتادة: إنه كره عسب الفحل لمن أخذه ولم ير به بأسًا لمن أعطاه (٣) انتهى.

• وقال الحافظ ابن حجر عن عسب الفحل ما نصه:

وعلى كل تقدير فبيعه وإجارته حرام لأنه غير متقوم ولا معلوم ولا مقدور على تسليمه، وفي وجه للشافعية والحنابلة تجوز الإجارة مدة معلومة، وهو قول الحسن وابن سيرين ورواية عن مالك، وحمل النهى على ما إذا وقع لأمد مجهول، وأما إذا استأجره مدة معلومة فلا بأس كما يجوز الاستئجار لتلقيح النخل، وتعقب بالفرق لأن المقصود هنا ماء الفحل وصاحبه عاجز عن تسليمه بخلاف التلقيح، ثم النهى عن الشراء والكراء إنما صدر لما فيه من الغرر.

وأما عارية ذلك فلا خلاف في جوازه، فإن أهدى للمعير هدية من المستعير بغير شرط جاز، وللترمذي (٤) من حديث أنس: "أن رجلًا من كلاب سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن عسب الفحل فنهاه، فقال: يا رسول الله إنا نطرق الفحل فنكرم، فرخص له في الكرامة" (٥) انتهى.


(١) أخرجه مسلم (٩٨٨).
(٢) صحيح: أخرجه الترمذي (١٢٧٤).
(٣) راجع شرح السنة للبغوى (٨/ ١٢٨).
(٤) صحيح: أخرجه الترمذي (١٢٧٤).
(٥) فتح البارى (٤/ ٥٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>