للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأموال بالباطل: فمعلوم أن هذه المفسدة إذا عارضتها المصلحة الراجحة قدمت عليها (١).

• وقال ابن قدامة:

لا تخلو الثمرة المباعة من أن يكون قد بدا صلاحها أو لم يبد فإن بدا صلاحها جاز البيع مطلقًا بدون خلاف.

أما إذا لم يبد صلاحها فلا تخلو حالة الشراء من ثلاثة أوجه:

الأول: أن يشترط المشترى بقاءها إلى الحصاد والجز. فهذا لا يجوز ودليله الإجماع المنعقد على ذلك، وسنده أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، نهى البائع والمبتاع" (٢).

وحكى ابن المنذر إجماع العلماء على هذا.

الثاني: أن يشترط البائع على المشترى القطع في الحال، وحكمه الجواز لأن المنع إنما كان خوفًا من تلف الثمرة وحدوث العاهة عليها قبل أخذها.

وقد روى أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمار حتى تزهو، قال: "أرأيت إذا منع الله الثمرة بم يأخذ أحدكم مال أخيه" (٣).

وليس فيها غرر، فهو يدخل على بصيرة، وإن كان البيع قبل بدو الصلاح مع شرط القطع لا فائدة فيه غالبًا, ولهذا فحصول مثل هذا نادر أَوْ لا يكاد يقع لأن الإنسان إنما يشترى ما ينفعه والثمرة قبل بدو صلاحها لا نفع فيها في الغالب.

الثالث: أن يبيع الثمرة قبل بدو صلاحها مطلقًا من غير شرط، وقد اختلف الفقهاء في صحة هذا البيع على قولين:

القول الأول: هذا البيع باطل.

وهذا مذهب مالك والشافعى وأحمد.

وحجتهم ما سبق من حديث أنس - رضي الله عنه -.

القول الثاني: يجوز مثل هذا البيع، ويقطع في الحال. وهذا مذهب أبى حنيفة.

وحجته: أن إطلاق العقد يقتضى القطع فهو كما لو اشترطه، وفسر عن البيع بأنه بيعها مدركة قبل إدراكها بدلالة قوله: "أرأيت إن منع الله الثمرة بم يأخذ أحدكم مال أخيه" (٤).


(١) مجموع الفتاوى (٢٩/ ٤٨).
(٢)، (٣)، (٤) سبق تخريجها قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>