للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسألها عبد الله بن قيس قال: «كيف كان يصنع النبي صلى الله عليه وسلم في الجنابة؟ أكان يغتسل قبل أن ينام أم ينام قبل أن يغتسل؟ فقالت: «كل ذلك قد كان يفعل، ربما اغتسل فنام، وربما توضأ فنام» فقال: الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة» (١).

وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب -لما سأله عن الجنابة تصيبه من الليل-: «توضأ، واغسل ذكرك، ثم نَمْ» (٢).

لا حرج على الجنب في قراءة القرآن ومس المصحف:

وقد تقدم تحريره في «الوضوء» فليراجع.

هل يجوز للحائض والجنب دخول المسجد والمكث فيه؟

ذهب جمهور أهل العلم من الأئمة الأربعة وغيرهم -خلافًا للظاهرية- إلى تحريم مكث الحائض والنفساء والجنب في المسجد، وهو مروي عن ابن عباس وابن مسعود من الصحابة (٣).

واستدل المانعون بما يأتي:

١ - قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُوا ...} (٤).

قالوا: المراد بالصلاة: مواضع الصلاة وهي المساجد، ففي الآية منع الجنب من دخولها إلا في حالة كونه مسافرًا، ثم قاسوا الحائض والنفساء على الجنب!!

وأجاب المبيحون: بأن هذا أحد تأويلي السلف لمعنى الآية، والتأويل الآخر أن المراد الصلاة ذاتها لا المسجد فيكون المعنى: ولا تقربوا الصلاة جنبًا إلا بعد أن تغتسلوا إلا في حال السفر فصلُّوا بالتيمم ولذا قال بعدها: {وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}.

ثم في قياس الحائض على الجنب نظر، لأن الحائض معذورة ولا يمكن أن تغتسل قبل أن تطهر ولا تملك رفع حيضتها، بخلاف الجنب فيمكنه الاغتسال.


(١) صحيح: أخرجه مسلم (٣٠٧).
(٢) صحيح: أخرجه البخاري (٢٠٩)، ومسلم (٣٠٦).
(٣) «المجموع» (٢/ ١٨٤) وما بعدها، و «المغنى» (١/ ١٤٥)، و «اللباب شرح الكتاب» (١/ ٤٣) وأجاز الشافعي وأحمد المرور في المسجد دون المكث، و «المحلى» (٢/ ١٨٤) وما بعدها).
(٤) سورة النساء، الآية: ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>