للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• ولا يختلف الفقهاء في أن بيع المحاقلة غير جائز، وهو فاسد عند الحنفية، باطل عند غيرهم، وذلك لحديث جابر السابق ذكره، ولأنه بيع مكيل بمكيل من جنسه، فلا يجوز خرصا (ظنًّا وتقديرًا) لأن فيه شبهة الربا الملحقة بالحقيقة في التحريم.

ولعدم العلم بالمماثل، والجهل بالتساوى كالعلم بالتفاضل وأيضًا تزيد المحاقلة -كما قال الشافعية على المزابنة- فإن المقصود من المبيع فيها مستور بما ليس من صلاحه فانتفت الرؤيا أيضًا (١).

٤ - بيع اللحم بالحيوان:

عن سعيد بن المسيب: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع اللحم بالحيوان" (٢).

• قال أبو عمر ابن عبد البر:

وقد اختلف الفقهاء في القول بهذا الحديث وفي معناه، فكان مالك يقول: المراد من هذا الحديث تحريم التفاضل في الجنس الواحد، وهو عنده من باب المزابنة والغرر, لأنه لا يدرى هل في الحيوان مثل اللحم الذي أعطى أو أقل أو أكثر.

• وبيع اللحم باللحم لا يجوز متفاضلًا، فكذلك بيع الحيوان باللحم إذا كانا من جنس واحد، والجنس الواحد عنده. الإبل والبقر والغنم وسائر الوحش وذوات الأربع المأكولات، هذا كله عنده جنس واحد؛ لا يجوز بيع لحمه بلحمه إلا مثلًا بمثل.

• ولحوم الطير كلها صنف واحد: الإوز، والبط، والدجاج، والحمام واليمام، ولا يجوز لحم شىء منه بشىء من الجنس المذكور، إلا مثلًا بمثل، ويجوز على التحرى. قال ابن عبد الحكم: لا يجوز التحرى إلا فيما قل مما يدرك ويلحقه التحرى، وأما ما كثر، فلا يجوز فيه التحرى، لأنه لا يحاط بعلمه انتهى باختصار (٣).


(١) راجع الموسوعة الفقهية الكويتية (٩/ ١٣٨).
(٢) أخرجه مالك في الموطأ (٢/ ٦٥٥)، قال ابن عبد البر: لا أعلم هذا الحديث يتصل من وجه ثابت من الوجوه عن النبى - صلى الله عليه وسلم - وأحسن أسانيده مرسل سعيد بن المسيب هذا. التمهيد (١٢/ ١٣٥) وقال الإمام البغوي: حديث ابن المسيب وإن كان مرسلًا، لكنه يتقوى بعمل الصحابة، واستحسن الشافعي مرسل ابن المسيب. شرح السنة (٨/ ٧٧).
(٣) التمهيد بترتيب الشيخ المغراوى (١٢/ ١٣٦، ١٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>