للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بكذا فقط، وكان أكثر من سعر يومه مع أن المتمسكين بهذه الرواية يمنعون من هذه الصورة ولا يدل الحديث على ذلك فالدليل أخص من الدعوى (١).

(و) ما قاله ابن حزم الظاهرى: هذا الخبر صحيح إلا أنه موافق لمعهود الأصل، وقد كان الربا وبيعتان في بيعة والشروط في البيع كل ذلك مطلقًا غير حرام إلى أن حرم كل ذلك، فإذا حرم كل ما ذكرنا فقد نسخت الإباحة بلا شك، فهذا خبر منسوخ بلا شك بالنهى عن البيعتين في بيعة، فموجب إبطالهما معًا لأنهما عمل منهى عنه (٢).

(ز) ما قاله ابن القيم أن الحديث لا يحمل على الصورة المعروفة وهي أن تكون السلعة نقدًا بكذا ونسيئة بكذا حيث يقول: "أنه - صلى الله عليه وسلم -، نهى عن بيعتين في بيعة، وهو الشرطان في البيع في الحديث الآخر، وهو الذي لعاقده أوكس البيعتين أو الربا في الحديث الربا. وذلك سدًا لذريعة الربا، فإنه إذا باعه السلعة بمائة مؤجلة ثم اشتراها بمائتين حالة فقد باع بيعتين في بيعة، فإن أخذ الثمن الزائد أخذ بالربا، وإن أخذ بالناقص أخذ بأوكسهما وهو من أعظم الذرائع عن الربا، وأبعد كل البعد عن حمل الحديث على البيع بمائة مؤجلة أو خمسين حالة" (٣).

ويبدو أن المالكية لهم رأى آخر في المسألة وهو أن المشترى إذا قبض المبيع في صورة البيعتين في بيعة، فإن البائع يعطى قيمة المبيع نقدًا, ولا يعطى أقل الثمنين إلى أقصى الأجلين.

فقد نقل عن مالك قوله: من باع سلعة بدينار نقدًا أو بدينارين إلى شهر فسخ ذلك، وردت إلى قيمتها نقدًا, ولا يعطى أقل الثمنين إلى أقصى الأجلين (٤).

وقال صاحب الكافى: "وإن قبضت السلعة وفاتت، رد قابضها قيمتها يوم قبضها بالغة ما بلغت واتبع ذلك بقوله: وهذا كله قول مالك وأصحابه" (٥).

ووجه ما قاله المالكية: أن السلعة لم يقع شراؤها على شىء بعينه بقطع أو بخيار، وإنما إذا وقع على مالًا يدرى أى السلعتين يختار، وقد وجبت إحداهما، فحيث قبضها وتعذر ردها وجبت قيمتها.


(١) "نيل الأوطار" (٥/ ١٧٣).
(٢) "المحلى" (٩/ ٦٢٩).
(٣) "إعلام الموقعين" (٣/ ١٥٠)، "الوجه" (٦٢).
(٤) "اختلاف الفقهاء" (٣٢).
(٥) "الكافى"، المجلد الثاني (٧٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>