للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخلاصة الأمر في حكم بيعتين أنها من البيوع المنهى عنها المحكوم ببطلانها واستحقاقها الفسخ إذا وقعت بالصورة التي لا يعلم فيها الثمن، وهذا رأى عامة الفقهاء.

أما من حيث حكمها إذا حدث قبض بموجبها فجمهور الفقهاء يرون أن البيع الباطل لا ينتج أثرًا، وأنه لا يصح الأخذ بظاهر حديث أبى داود, لأن العمل بظاهره يفيد أن البيع صحيح إذ هو الذي ينتج آثارًا ويرتب حقوقًا, ولذلك وجهوا إلى الحديث المطاعن التي ذكرنا في صحته من جهة، وفي صلاحيته للاحتجاج به على المطلوب، والتمسوا له التأويلات التي تقدمت على فرض صحته انسجامًا مع الحقيقة الشرعية التي تأبى أن ترتب على العقد الباطل آثارًا، وتمكينًا للبائع من الوصول إلى حقه الذي ذهب بتعذر استرداد العين التي باعها بموجب عقد البيعتين في بيعة المنهى عنه شرعًا.

وقد نازع بعض الفقهاء في هذه الحقيقة بناء على ثبوت الحديث عندهم، وعملهم بظاهر معناه.

وبعد النظر في أدلة الفريقين، وما صوّبه الجمهور إلى أدلة مخالفيهم من طعون عملت على إيهانها، وعجزها عن الانتهاض للاحتجاج بها على مدعاهم، أرى أن الحق فيما قال الجمهور، والله تعالى أعلم.

المبحث الرابع: حكم البيع بالتقسيط:

تمهيد: بعد أن تتبعنا أقوال العلماء في بيان معنى الأحاديث الثلاثة وعلتها انتهينا إلى النتائج التالية:

١ - أن تلك الأحاديث تصلح أن تكون موطنًا مناسبًا ومظان ملائمة للبحث في مشروعية البيع بالتقسيط. وذلك لأنها تشترك من حيث معناها في صورة هى أصل ذلك البيع والمتمثلة بقول البائع للمشترى أبيعك هذه السلعة نقدًا بكذا ونسيئة بكذا.

٢ - أن تحريم هذه البيوع يستند إلى علة تتمثل في جهل المتعاقدين بالثمن، وسد ذريعة أن يكون هذا البيع طريقًا إلى الربا المحرم.

فالقول بعدم صحة هذه البيوع مجردة إلى أن الصيغة الصادرة مشتملة على صيغتين في آن واحد، فلم يجزم البائع ببيع واحد، وأن الثمن مجهول، هل هو

<<  <  ج: ص:  >  >>