للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعجل أم المؤجل؟ وإذا كان الإيجاب غير جازم لا يصلح، ويكون عرضًا، فإذا قبل الموجه إليه العرض إحدى الصفقتين كان إيجابًا موجهًا إلى الطرف الأول فإن قبل تم العقد، وإلا لم يتم العقد (١).

في ضوء ما تقدم كنا نتوقع أن يكون البت في الحكم الشرعى لبيع التقسيط أمرًا ميسورًا يكفى فيه التثبت من وجود العلة المذكورة، فيحكم بالجواز في الحالة الأولى وبالبطلان في الحالة الثانية.

ولكن حكمة الله ورحمته بعباده التي كان اختلاف عقول البشر عامة وعلماء الفقه خاصة مظهرًا من مظاهرها اقتضتا أن تعمل تلك العقول -التي تحررت من قيود الخوف والرهبة، فانطلقت تلتمس الحقيقة في هدى نور الله- فيما بين يديها من النصوص تأملًا وترديد فكر، فيكون نتاج ذلك ثمرات خيرة من الأفكار والآراء والأحكام المتباينة في خط سيرها المتفقة في هدفها ألا وهو نشدان مرضاة الله عز وجل، والتمكين لشريعته في الأرض .. وإذا بنا نتيجة لذلك أمام آراء لا رأى، وبصدد أحكام لا حكم واحد في هذه المسألة، وأبرز تلك الأحكام:

١ - أن بيع التقسيط غير جائز شرعًا.

٢ - أن بيع التقسيط جائز شرعًا.

٣ - رأى وسط يذهب إلى عدم القول بجوازه أو عدم جوازه مطلقًا بل يرى أنه مكروه، وشبهة الأولى اتقاؤها.

وممن قال بعدم الجواز، وأنه لا يصح زيادة الثمن في مقابل تأجيل قبض الثمن: زين العابدين، علي بن الحسين والناصر والمنصور بالله والهادوية والإمام يحيى، وأبو بكر الرازى الجصاص الحنفى (٢).

أما القول بجواز بيع التقسيط، وبأن أخذ زيادة في السعر مقابل التأجيل أمر


(١) "مجلة المسلم المعاصر"، ص ٨٩ ع ٣٠٨، ربيع الثاني ١٤٠٤ هـ، الموسوعة الفقهية، الكويت (٢/ ٣٨).
(٢) "نيل الأوطار" (٥/ ١٧٣)، "شرح الأزهار" (٣/ ٨٤)، "تفسير أحكام القرآن" لأبى بكر الجصاص (٢/ ١٨٧)، تحقيق: محمد الصادق قمحاوى، الناشر: دار الصحف بالقاهرة، الإمام زيد للشيخ محمد أبو زهرة (٢٩٣) وما بعدها: المكتبة الإسلامية، بيروت، الروضة الندية (١٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>