للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن جهة أخرى، فإن ابن القيم قد فسر الحديث بأن يبيع الرجل السلعة بمائة مؤجلة ثم يشتريها منه بمائتين حالة، فإن أخذ بالثمن الزائد أخذ بالربا، وإن أخذ بالناقص أخذ بأوكسهما وهو من أعظم الذرائع إلى الربا.

وأنه لا يعني النهى عن البيع بخمسين حالة أو بمائة مؤجلة فهي ليست قمارًا ولا جهالة ولا غررًا ولا شيئًا من المفاسد، فإن البائع خير المشترى بين أي الثمنين شاء وليس هذا بأبعد من تخييره بعد البيع بين الأخذ والأمضاء ثلاثة أيام (١).

أما حديث النهى عن بيع المضطر وقولهم بأنه لا يقدم على دفع ثمن أعلى مع تأخير الدفع إلا المضطر فيجاب عنه بالآتي:

أنه جاء في سند الحديث: رواه أبو داود عن محمَّد بن عيسى عن هشيم عن صالح بن عامر كذا قال محمَّد قال: حدثنا شيخ من تميم .. قال في عون المعبود: قال الشيخ في إسناد الحديث رجل مجهول لا ندرى من هو وقال ابن مفلح: صالح لا يعرف، تفرد عنه هشيم، والشيخ لا يعرف أيضًا, ولأبي يعلى الموصلي في مسنده: حدثنا روح بن حاتم، حدثنا هشيم عن الكوثر بن حكيم عن مكحول، قد بلغني عن حذيفة أنه قال: قال - صلى الله عليه وسلم - .. فذكر الحديث وفيه: "ألا إن بيع المضطرين حرام"، الكوثر ضعيف بإجماع، قال أحمد: أحاديثه بواطيل ليس بشىء (٢).

أما قولهم بأن الزيادة في الثمن المؤجل من باب الربا، واستدلالهم على ذلك بأنها زيادة في نظير الأجل، ولا يقابلها عِوض فتكون محرمة فالجواب عنه:

بأن القول بتحريمها لكون الزيادة في مقابل التنفيس بالأجل فقط، فلا يخفى أن تحريم مثل ذلك مفتقر إلى دليل والمسألة محتملة للبحث والمناقشة (٣).

وأما القول بأن الزيادة لا يقابلها عوض فمردود، وذلك لأن البائع حين رضى بتسليم السلعة إلى المشترى بثمن مؤجل إنما فعل ذلك من أجل انتفاعه بالزيادة، والمشترى إنما رضي بدفع الزيادة من أجل المهلة، وعجزه عن تسليم الثمن نقدًا. فكلاهما منتفع بهذه المعاملة, فلا يصدق القول بأن الزيادة بغير مقابل (٤).


(١) "إعلام الموقعين" (٢/ ١٤٩، ١٥٠).
(٢) "عون المعبود" (٩/ ٢٣٥).
(٣) "الروضة الندية" (٢/ ١٠٦).
(٤) "مجلة الاقتصاد الإِسلامي"، فتوى الشيخ ابن باز (٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>