للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩ - أن التبادل في حالة الربا يتم على أشياء مثلية، في حين أن التبادل في حالة البيع يتم على أشياء مختلفة؛ سلعة مقابل نقد، وهذا الاختلاف في الأشياء المتبادلة هو الذي ينشىء النشاط التجارى المفيد المنتج في البيع بالمقارنة مع النشاط الربوى (١).

أما القول المانعين من بيع التقسيط بأن الزيادة في البيع بالنسيئة هى مقابل الزمان فقد ناقشه جمهور الفقهاء على النحو التالي:

١ - أن الزيادة في الثمن المؤجل لا تتعين عِوضًا عن الزمان، بدليل أن بعض الناس يبيع آجلًا بأقل مما اشترى لحاجته إلى البيع وتصريف السلع أو لتوقعه انخفاض الأسعار في المستقبل، ومن التجار من يبيع بأقل من القيمة الحقيقية بثمن حال أو مؤجل، فلا تتعين الزيادة للزمان، بل الزيادة في أكثر الأحيان غير متعينة (٢).

٢ - أننا لو سلّمنا بجعل الزيادة مقابل التأخير والزمن كما دلت على ذلك بعض الأحاديث والآثار, فإنما منع الشارع منها إذا كانت ابتداءً كما كان عليه أمر الجاهلية في قولهم: "أما أن تقضي وأما أن تُربي" (٣).

وأما استدلالهم يكون الزيادة في مقابل الأجل بالقياس على إنقاص الدَّين عن المدين مقابل تعجيل الدفع، وهو غير جائز بدليل تسمية ابن عمر - رضي الله عنهما - له ربا ونهى زيد بن ثابت وغيره عنه، وبدليل إبطال أبي حنيفة لشرط التعجيل في خياطة الثوب مقابل زيادة الأجرة، وبدليل عدم جواز زيادة الدين الحال مقابل تأجيل صاحبه مدة. فالجواب عنه:

١ - أن ابن أبي شيبة قد أخرج من مصنفه أن ابن عباس - رضي الله عنهما - سئل عن الرجل يكون له الحق على الرجل إلى أجل فيقول له: عجِّل لي وأضع عنك كذا فقال: "لا بأس في ذلك، إنما الربا أن يقول المدين أخر لي وأنا أزيدك، وليس عجّل وأنا أضع عنك" وفي رواة أخرجها البزار عن عبد الله بن عمرو، وأخرجها الطبراني بنحوها: "إنما الذي فيه نهى أن يقول المدين أعجّل لك كذا، وتضع عنه البقية" (٤).


(١) نفس المرجع، (١٨٩).
(٢) "الإِمام زيد" (٢٩٥)، أبرز صور البيوع الفاسدة (٥٠).
(٣) "الإِمام زيد" (٢٩٤).
(٤) "تفسير الجصاص" (٢/ ١٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>