للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس قول ابن عمر وغيره بأولى من قول ابن عباس، لاسيما أن لقوله سندًا من الحديث وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ضعوا وتعجلوا".

٢ - وأما قول أبي حنيفة فيقع في إطار اشتراط منفعة محددة في المعقود عليه لمصلحة العاقد، وهذا النوع من الشروط مما أبطله الحنفية والشافعية في المعتمد من مذهبهم والظاهرية بعدم جوازه وقال المالكية والحنابلة في الراجح من مذهبهم والزيدية والأباضية والإمامية بجوازه.

وقد استدل القائلون بعدم الجواز بحديث نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن بيع وشرط، وهو حديث ضعيف، أنكره أحمد، وقال لا نعرفه مرويًا في مسنده وقال النووى عنه، أما الحديث فغريب، وضعفه ابن تيمية، وقال ابن حجر في إسناده مقال. وقال ابن القيم لا يعلم له إسناد يصح (١).

٣ - وأما القياس على زيادة الدين الحال مقابل زيادة الأجل فمع الفارق وهو أن المقيس عليه منصوص على عدم جوازه فهو بيع الدين بالدين، وقد نهى - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الكالئ بالكالئ.

ومن جهة أخرى، فإن إنقاص الثمن مقابل تقصير المدة غرضه التيسير على المدين وتسهيل الدفع وقضاء الدين عليه، أما الزيادة مقابل زيادة الأجل فغرضها التضييق على المدين فلا وجه للقياس.

٤ - أن القول بإنقاص الثمن إذا أدى المدين الثمن المؤجل معجلًا بمقدار ما يعادل الأجل يرتكز على مبدأ سبق بيانه وهو أن الأساس هو السلعة لا النقد المجرد. لأن السلعة هى التي يتغير سعرها تبعًا للظروف والأحوال والرغبة فيها، أما النقد فهو مقوِّم السلع وهو ثابت لا يتغير، لأنها ليست سلعًا ترتفع وتنخفض (٢).

٥ - أن العقود في الشريعة الإِسلامية ينظر إليها غير موازنة ببعضها، فالعقد مع تأجيل الثمن عقد قائم بذاته ينظر إليه من حيث سلامة العقد، وكونه غير شامل للربا بأنواعه من نظر إلى غيره. وهذه النظرة تجعل العقد صحيحًا في ذاته، وكون المبيع معجلًا بعقد آخر بثمن أقل لا يؤثر في العقد الأول، لأنهما عقدان متغايران يتميز كل واحد منهما عن صاحبه (٣).


(١) "الملكية في الشريعة الإِسلامية" العبادى (٢/ ٢٠٩).
(٢) "بحوث في الربا" (٤٨، ٤٩).
(٣) "الإِمام زيد" (٢٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>