للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن في إسناده مسلم بن خالد وهو سيئ الحفظ ضعف، وهو كما قال الدارقطني؛ ثقة إلا أنه سيئ الحفظ، وقد اضطرب في هذا الحديث (١).

ومن جهة أخرى، فإن الزمن في الحديث كان للحط من الدَّين لا للزيادة، بخلاف البيع المؤجل فإنه للزيادة في الثمن لا للنقص منه، وفرق ما بين الزيادة والنقص كفرق من يداين ويزيد لأجل الزمن، ومن يعفو عن بعض الدين ليسهل على المدين الدفع، ولذلك لا يصلح الحديث دليلًا في الموضوع (٢).

ويضاف إلى ذلك أن القول بجواز إنقاص الثمن مقابل تعجيل دفع الثمن المؤجل لم يرد إلا في الدر المختار حيث نسبه ابن عابدين لبعض المتأخرين، وقال: أن أبا السعود ارتضاه، ولعل أبا السعود العمادى ارتضاه لأنه كان يسهل على سليمان القانوني ما يريد من إدخال الأفكار الأوروبية في بلاده، ولذلك لم يعتبر علماء الأتراك فتاويه، بل قد نص بعضهم كأبي بكر الرازى على أن ذلك من الربا الذي نص عليه تحريمه (٣).

وأخيرًا قالوا: أن من يقول بجواز السلف إذا قال عجل لي وأضع عنك من الجائز أنهم أجازوه إذا لم يجعل ذلك شرطًا في العقد، وذلك بأن يقوم البائع بحط بعض الثمن عن المشترى بغير شرط، فيقوم المشترى بحط بتعجيل الدين المتبقي بغير شرط (٤).

أما عن استدلال الجمهور بأن المشترى قد رضي بالزيادة مقابل الأجل، والرضا هو شرط صحة التجارة وتوفر كان العقد صحيحًا أجابوا:

بأن رضا المشترى بزيادة السعر المؤجل عن السعر الحال، لا عبرة به إذا اعتبرنا هذه الزيادة ربا، لأن تراضي البائع والمشترى على الربا لا يجعله حلالًا (٥).

أما عن القول بأن الأسعار تتفاوت ارتفاعًا وانخفاضًا لأن السلعة لها سعر نقدى معين بخلاف النقود فالجواب عنه:

أنه إذا كان للبائع أن يبيع ابتداء بثمن مؤجل أكثر من سعر السوق، فذلك


(١) سنن الدارقطني (٢/ ٤٦).
(٢) "الإِمام زيد" (٢٩٤)، مصرف التنمية، (١٨٦)، "نظرية الأجل" (٢٢٢).
(٣) "بحوث في الربا" (٤٩).
(٤) "تفسير أبى بكر الرازى الجصاص" (٢/ ١٨٧).
(٥) "نظرية الأجل" (٢٢٢، ٢٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>