للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يختلف عن تخيير المشترى بين الشراء بثمن حال أو ثمن مؤجل أكثر من ذلك الثمن الحال. فالبيع الأول يمكن أن يقال فيه بأن الأسعار تتفاوت كما أن للمشترى مطلق الحرية في قبوله، وإذا كانت الشريعة الإِسلامية تنهى عن الربح غير المعقول في التجارة. أما البيع الثاني وهو موضوع البحث فإنه يتميز بأن للسلعة ثمن حال معروف، وزاد هذا الثمن بسبب التأجيل. وهنا لا يمكن القول بأن الأسعار تتفاوت وتزيد وتنخفض لأن السلعة تحدد لها سعر نقدى معين ولم يقصد البائع إلى زيادة الثمن المؤجل إلا بسبب الأجل (١).

وأخيرًا يقترح د. عبد الناصر العطار -وهو من القائلين بأن الثمن المؤجل عن السعر الحال أمر لا يتفق مع قواعد الشرع، ويعتبره ربا أو شبهة ربا- يقترح علاجًا بديلا لبيع التقسيط يتمثل فيما عرفته بعض النظم الاقتصادية من وسائل مشروعة يتم فيها تأجيل ثمن المبيع دون زيادة بعض السلع بسعرها اليومي وتأجيل ثمنها مع دفعه أقساطًا تخصم من الراتب. وفي إمكان غير الموظفين تطبيق هذا النظام عن طريق النقابات والجمعيات التعاونية، ولا شك أن هذا النظام لا غبار عليه في الإِسلام، كما أن بعض التجار يعلن عن بيع سلعة بالتقسيط وبدون فوائد أي بذات السعر الفوري (٢).

ثالثًا: مناقشة الرأى الثالث:

لقد رأينا أن خلاصة هذا الرأى تتمثل في القول بأن البيع بالتقسيط ليس مباحًا على الإطلاق ولا محرَّمًا على الإطلاق وذلك اتقاء للشبهات واستبراء للدّين والعرض والجواب على ذلك:

١ - أن صاحب هذا الرأى قد قال صراحة "ومع ذلك فإننا نعتقد أن البيع بالنسيئة بزيادة الثمن لقاء التأجيل إنما هو مشروع .. " وفي هذا تناقض مع القول بأنه ليس مباحًا ولا حرامًا، فأبسط درجات المشروعية هى الإباحة.

٢ - أن الشبهة هى ما اجتمع فيها جانب يؤيد الحل وآخر يؤيد الحرمة، ولقد ورد في حديث صاحب هذا الرأى ما يقطع بمشروعية البيع بالتأجيل مع زيادة الثمن، وصال وجال في بيان فروق أساسية بينه وبين الربا المحرم، فأى وجه للاشتباه بعدئذ؟

وهذا كانت هذه الشبهة والحرص على الاستبراء للدِّين تغيب عمن كانوا


(١)، (٢) "نظرية الأجل" (٢٢٢، ٢٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>