للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدعون سبعين بابًا من الحلال مخافة أن يقعوا في باب الحرام، ومع ذلك لم نجد في عباراتهم أدنى تحفظ عند صدور عباراتهم بجواز هذا البيع، مراعيًا للشروط الشرعية.

٣ - أما دعوة صاحب هذا الرأى من يتعاملون ببيع التقسيط إلى الاقتراض الحسن تقليلًا لتداول هذا البيع، واتهامه لهم بالهجوم على هذا النوع من البيع مع عدم مسيس حاجتهم إليه، دون محاولة الحصول على القرض الحسن، فأظنه كلامًا مبالغًا فيه، وهل أبواب القروض الحسنة مشرعة لمن يلجها ونحن في عصر أصبح الفرد فيه يضن بالدرهم والدينار على أمه وأبيه وصديقه وأخيه؟ ثم إذا توفر هذا القرض الحسن ليغطى شراء سلعة يسيرة الثمن، فأنى له أن يتوفر لشراء عربة يكتسب منها صاحبها قوته وقوت من يعول؟ أو شراء شقة يسكنها؟ فما أرتأه من تبنى هذه الفكرة ليس إلا حلمًا جميلًا صدر عن حسن ظن ونية -إن شاء الله-.

وعليه ففى ظني، أن هذا الرأى يعوزه الدليل المقنع، ويفتقر إلى الموضوية، وينقصه عامل الانسجام، بين ما طرحه صاحبه من أفكار، وبالتالي لا يقوى على النهوض مذهبا ثالثًا إلى جانب المذهبين الرئيسيين المتقدمين من الناحية الحقيقية -اللهم إلا من باب عرضه باعتباره وجهة نظر تمثل رأى صاحبها فحسب- فاقتضى التنويه إليها.

• الترجيح:

بعد أن عرضنا لأقوال من أجاز بيع التقسيط من الفقهاء، ومن قالوا بعدم جوازه ووقفنا على المناقشات والردود التي وجهها جمهور الفقهاء إلى كافة أدلة القائلين بمنع البيع بثمن مؤجل مع الزيادة على الثمن الحال، ورأينا أنه لم يسلم دليل منها من الطعن الذي يضعف من حجيته وصلاحيته للاستدلال به، وفي حين أن أدلة الجمهور قد سلمت لهم في غالبيتها وما وجه إلى بعضها من نقاش لا يقلل من أهميتها, ولا يلغي فاعليتها فقولهم مثلًا بأن آية {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} تتضمن النهى عن كل زيادة وتعتبرها ربا، ففيها إباحة البيع وتحريم الربا، وعند اجتماع الحظر والإباحة يقدم الحظر، فهذا القول يصدق لو لم يوجد ما يرجِّح كفة الحكم بالإباحة وقد اتضح ذلك الرجحان من خلال الفروق الهامة التي تقدمت بين البيع والربا.

ونقول للمعترضين -كما قال الشيخ أبو زهرة- مقالة الله لمن اعترض مثل اعتراضهم، إذ قالوا بأن البيع مثل الربا {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}.

<<  <  ج: ص:  >  >>