للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الأحاديث والآثار في جواز إنقاص الثمن مقابل تعجيل الوفاء بالدين. فعل ما فيها من مقال في سندها، إلا أن مفهومها، وما يسندها من أدلة تقدمت في موضعها يجعل من معانيها ودلالتها أمرًا مستساغًا شرعًا.

مما يجعلنا نخلص إلى القول بأن صحة بيع التقسيط وجواز التعامل به هو الأولى بالأخذ به والمصير إليه، والله تعالى أعلم.

رابعًا: فتاوى العلماء القائلين بجواز البيع بالتقسيط:

بعد أن وصلنا إلى نتيجة مفادها أن القول بجواز بيع التقسيط هو الأولى بالأخذ به نظرًا لقوة أدلته، ولأنه يتفق مع روح الشريعة في تحقيق مصلحة المتعاقدين، وتيسير معاملات الناس وحل مشكلاتهم.

وزيادة في التأكيد، والتماسًا لترسيخ هذه الحقيقة نسوق طائفة من فتاوى علماء المسلمين القدامى والمعاصرين والتي جاءت مصرحة بجواز البيع بالتقسيط:

١ - فتوى شيخ الإِسلام ابن تيمية:

سئل عن رجل عنده فرس شراه بمائة وثمانين درهمًا، فطلبه منه إنسان بثلاثمائة درهم إلى مدة ثلاثة شهور، فهل يحل ذلك؟

فأجاب: الحمد لله، إن كان الذي يشتريه لينتفع به، أو يتجر به، فلا بأس ببيعه إلى أجل، لكن المحتاج لا يربح عليه الربح المعتاد، لا يزيد عليه لأجل الضرورة.

وأما إذا كان محتاجًا إلى دراهم، فاشتراه ليبيعه في الحال، ويأخذ ثمنه، فهذا مكروه في أظهر قولي العلماء (١).

٢ - فتوى في كتاب "جواهر الفتاوى"

السؤال: هل يجوز لأصحاب الأموال بيعها حالًا بثمن، ومؤجلًا بأجل معلوم بثمن أعلى منه أو لا يجوز كما يقول البعض بحجة أي قرض جر نفعًا فهو ربا، ولما في المنهاج من نهى عن بيعتين في بيعة، كأن يقول البائع بعتك نقدًا بكذا أو مؤجلًا بكذا فخذ بأيهما شئت؟ .. أجيبونا مأجورين:

الجواب: أن كل الكتب المعتمدة متفقة على جواز البيع المذكور بالوجهين، وأن المال الذي قيمته مائة فلس نقدًا يجوز بيعه مؤجلًا إلى شهر بمائة وعشرة أفلس.


(١) "مجموعة فتاوى ابن تيمية" (٢٩/ ٥٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>