للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا ربا في ذلك، فإنما هو -الربا- بيع النقود بالنقود، والمطعوم بالمطعوم إذا اتفق النوعان. ففى التحفة دلالة واضحة على أن الأجل يقابله قسط من الثمن وعبارتها في البيع بشرط الأجل وشرطه أن يحدَّد بمعلوم. وأن لا يبتعد بقاء الدين إليه، وإلا بطل البيع للعلم حال البيع بسقوط بعضه، وهو يؤدى إلى الجهالة المستلزم للجهل بالثمن لأن الأجل يقابله قسط منه.

وأن استدلال المانع للبيع المذكور بالأجل "كل قرض جر نفعًا فهو حرام" بالأصل المقرر، لا تقريب له، لأن ذلك إنما هو في القرض وهو عقد مستقل غير البيع، وعبارة عن إعطاء شىء شخصًا على اعتبار رد مثله إليه كأن يعطيه عشرة دراهم قرضًا أو قفيزًا من الحنطة مثلًا على الاعتبار المار. فإنه لا يجوز للمقرض أخذ عشرة دراهم وفلس واحد، ولا قفيز حنطة ومُدٍّ بدل ما أقرضه لكون ذلك ربا، وكلامنا في البيع بغير الجنس نقدًا أو عرضًا حالًا أو مؤجلًا وأين هذا من ذلك؟

وأما ما جاء في المنهاج من النهى عن بيعتين في بيعة، فمنشؤه اشتمال الصيغة على كلمة أو للترديد والتشقيق المستلزمة للجهالة والإبهام، وإلا فلو أن البائع بصفقتين كأن باع كيلو من السكر بدرهم حالًا، وكيلو آخر بستين فلسًا إلى شهر وقَبِل المشترى مع ذلك بلا شبهة (١).

٣ - فتوى الشيخ محمَّد رشيد رضا:

حول شراء السلعة بأكثر من ثمن المثل إلى أجل فيجيب: أن هذا الشراء جائز وليس من الربا المحرم -والله أعلم- (٢).

٤ - فتوى الشيخ عبد الوهاب خلّاف وفيها:

سألني تاجر هل يحل شرعًا بيع الشيء بسعر أعلى لمن يدفع الثمن مؤجلًا؟

فأجبته: نعم، يحل هذا شرعًا, وليس فيه شىء من الربا المحرم. فيحل شرعًا بيع الإردب من القمح بأربعة جنيهات لمن يدفع الثمن حالًا، وبيعه بخمسة جنيهات لمن يدفع الثمن مؤجلًا (٣).


(١) "جواهر الفتاوي أو خير الزاد في الإرشاد"، جمعها ورتبها الشيخ عبد الكريم (٢/ ٢٣ - ٢٥)، طبعة سنة ١٣٩٠ هـ، ١٩٧٠ م.
(٢) "فتاوى الإمام محمَّد رشيد رضا"، جمع وتحقيق: صلاح الدين المنجد، الجزء الخامس ص ١٨٨٢ فتوى رقم ٦٩٠: دار الكتب الجديد بيروت ط ١، ١٩٧١.
(٣) "مجلة لواء الإِسلام" ص ٨٢٢ العدد ١١ السنة الرابعة، رجب ١٣٧٠ هـ، أبريل ١٩٥١ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>