للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المريض إذا خشي على نفسه الهلاك من استعمال الماء، فيجوز له أن يتيمم، لقوله تعالى: {وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ ..... فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} (١). قال مجاهد: «وهي للمريض تصيبه الجنابة إذا خاف على نفسه فله الرخصة في التيمم مثل المسافر إذا لم يجد الماء» (٢). ولقوله تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ} (٣).

بينما منع عطاء (٤) والحسن تيمم المريض إلا عند فقد الماء، لظاهر الآية.

والجواب عن هذا: أن الآية حجة لنا وتقديرها: (وإن كنتم مرضى فعجزتم أو خفتم من استعمال الماء، أو كنتم على سفر فلم تجدوا ماءً، فتيمموا) (٥).

إذا خاف المريض -باستعماله الماء- زيادة المرض أو تأخر البرؤ فهل يتيمم؟

ذهب الجمهور (٦) (أبو حنيفة ومالك والشافعي في أحد القولين وابن حزم) إلى أنه لا يشترط خوف الهلاك حتى يتيمم المريض، بل من كان الوضوء يزيد مرضه أو يؤخر برؤه، فإنه يتيمم، لعموم آية المائدة.

ولعموم قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (٧).

قال ابن حزم: فالحرج والعسر ساقطان -ولله الحمد- سواء زادت علته أو لم تزد، وكذلك إن خشي زيادة علته فهو أيضًا عسر وحرج. اهـ.

ورُوى عن أحمد والشافعي في أحد قوليه: أنه يشترط خوف الهلاك لإباحة التيمم، ومذهب الجمهور أصح والله أعلم.

من كانت به جراح، فماذا يفعل؟

هذه المسألة تتفرع على أصل وهو: (هل يُجمع بين الأصل والبديل أي الوضوء -أو الغسل- والتيمم أم لا؟) وقد تقدم تحريره (٨).


(١) سورة المائدة، الآية: ٦.
(٢) إسناده صحيح: أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح.
(٣) سورة النساء، الآية: ٢٩.
(٤) روى هذا عبد الرزاق في «المصنف» (٨٦١) بسند صحيح.
(٥) المجموع (٢/ ٣٣٠).
(٦) المبسوط (١/ ١٢١)، والمجموع (٢/ ٣٣١)، والمحلى (٢/ ١١٦)، والأوسط (٢/ ٢٦)، ومجموع الفتاوى (٢١/ ٣٩٩).
(٧) سورة البقرة، الآية: ١٨٥.
(٨) راجع ص (١٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>