للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل يجوز لمن خشي على نفسه برودة الماء أن يتيمم للجنابة؟

يجوز لمن خشي على نفسه الموت بسبب برودة الماء أن يتيمم، لأنه بمنزلة المريض، وهذا مذهب جماهير العلماء (١)، وحجتهم في هذا:

١ - قوله تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} (٢).

٢ - ما رُوى عن عمرو بن العاص أنه لما بعث في غزوة ذات السلاسل قال: احتلمت في ليلة باردة شديدة البرودة فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح، فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك له، فقال: «يا عمرو، صليت بأصحابك وأنت جُنب؟» فقلت: ذكرت قول الله تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً}. فتيممت ثم صليت، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئًا» (٣).

وهذا حديث مختلف فيه، والراجح ضعفه، إلا أن قواعد الشرع تشهد له، ويؤيد هذا المذهب كذلك قوله تعالى: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ} (٤). وذلك بعد ذكر التيمم، فكأنه أشار إلى أن التيمم يشرع عند وجود الحرج في استعمال الماء، ولا شك أن شدة البرودة من هذا الحرج، لكن ينبغي أن ينبه على أن التيمم لا يُشرع -في هذه الحالة- إلا بعد العجز عن تسخين الماء، والله أعلم.

من ضاق عليه الوقت بحيث لو استعمل الماء فات وقت الصلاة، فهل له أن يتيمم؟

في هذه المسألة قولان للعلماء:

الأول: لا يجوز له التيمم وإن فات الوقت:

وبه قال الشافعية والحنابلة وأبو يوسف (٥)، وحجتهم ما يلي:


(١) المبسوط (١/ ١٢٢)، والمجموع (٢/ ٣٣٠)، والاستذكار (٣/ ١٧٣)، والمغنى (١/ ١٦٣)، والمحلى (٢/ ١٣٤)، ومجموع الفتاوى (٢١/ ٣٩٩).
(٢) سورة النساء، الآية: ٢٩.
(٣) ضعيف: أخرجه أبو داود (٣٣٤)، وأحمد (٤/ ٢٠٣)، والدارقطني (١/ ١٧٨)، والحاكم (١/ ١٧٧)، والبيهقي (١/ ٢٢٥) وقد أعل سنده ومتنه، وقد صححه الألباني في الإرواء (١/ ١٨٢) بما لا يسلم.
(٤) سورة المائدة، الآية: ٦.
(٥) المغنى (١/ ١٦٦)، والمجموع (٢/ ٢٨٠)، والاستذكار (٣/ ١٧١)، وتمام المنة (ص ١٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>