للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخر وقت المغرب: اختلف فيه العلماء على قولين:

الأول: أن للمغرب وقتًا واحدًا، بعد الغروب بقدر ما يتطهر المصلي ويستر عورته ويؤذن ويقيم للصلاة، وهو مذهب مالك والأوزاعي والشافعي (١)، وحجتهم حديث إمامة جبريل -وقد تقدم- وفيه أنه صلى في اليوم الأول والثاني المغرب حين غربت الشمس وقتًا واحدًا وبما رواه سويد بن غفلة قال سمعت عمر ابن الخطاب يقول: «صلوا هذه الصلاة والفجاج مسفرة، يعني المغرب» (٢).

الثاني: آخره إلى أن يغيب الشفق: وهو قول الثوري وأحمد وإسحاق وأبي ثور وأصحاب الرأي وبعض أصحاب الشافعي وصححه النووي واختاره ابن المنذر (٣)، وهو الصحيح، والدليل عليه:

١ - حديث ابن عمرو مرفوعًا: «ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق ...» الحديث، وقد تقدم.

٢ - حديث أبي موسى في السائل عن مواقيت الصلاة، وفيه «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في اليوم الأول المغرب حين وقبت (أي: غربت) الشمس، وفي اليوم الثاني آخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق ...» وقد تقدم تخريجه، ومثله في حديث بريدة (٤).

٣ - حديث زيد بن ثابت أنه قال لمروان: ما لك تقرأ في صلاة المغرب بقصار المفصَّل؟ و «قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بطولي الطوليين»؟ يعني: الأعراف (٥).

وقد كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم مبينة حرفًا حرفًا بترتيل مع إتمام ركوع وسجود، فهذا يدل على أن وقت المغرب ممتد إلى غياب الشفق.

٤ - حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قُدِّم العشاء، فابدءوا به قبل صلاة المغرب، ولا تعجَّلُوا عن عشائكم» (٦) وفي لفظ من حديث عائشة «إذا أقيمت الصلاة وحضر العشاء فابدءوا بالعشاء» (٧) وهو صريح في جواز تأخير صلاة المغرب إلى ما بعد الطعام بعد دخول وقته.


(١) «بداية المجتهد» (١٠/ ١٢٦)، و «المجموع» (٣/ ٢٨)، و «الأوسط» (٢/ ٣٣٥).
(٢) إسناده حسن: أخرجه عبد الرزاق (٢٠٩٢)، وابن أبي شيبة (١/ ٣٢٩).
(٣) «بداية المجتهد» (١/ ١٢٧)، و «المجموع» (٣/ ٢٨)، و «الأوسط» (٢/ ٣٣٧).
(٤) صحيح: أخرجه مسلم (٦١٣)، والترمذي (١٥٢)، والنسائي (١/ ٢٥٨).
(٥) صحيح: أخرجه البخاري (٧٦٤)، والنسائي (٢/ ١٧٠)، وأحمد (٥/ ١٨٨).
(٦) صحيح: أخرجه البخاري (٦٧٢)، ومسلم (٥٥٧).
(٧) صحيح: أخرجه البخاري (٦٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>