للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العشاء خشية أن يذهب به النوم فيفوته وقتها، أو يترخَّص الناس في ذلك فيناموا عن إقامة جماعتها (١).

وأما كراهة الحديث بعدها، فلأنه ربما يؤدى إلى سهر يفوت به الصبح، أو لئلا يقع في كلامه لغو، فلا ينبغي ختم اليقظة به، أو لأنه يفوت به قيام الليل لمن له به عادة، ولتقع الصلاة التي هي أفضل الأعمال خاتمة عمله، والنوم أخو الموت، وربما مات في نومه (٢). وهذا إذا كان الحديث مما لا فائدة فيه، فإن كان لحاجة دينية عامة أو خاصة، أو لما يعود على صاحبه بفائدة أو إلى مصالح المسلمين، فهذا لا بأس به، فقد «كان النبي صلى الله عليه وسلم يسمر مع أبي بكر وعمر في أمر من أمور المسلمين» (٣).

وفي حديث ابن عابس أن النبي صلى الله عليه وسلم تحدث مع أهله -ميمونة- ساعة ثم رقد ...» (٤).

[٥] صلاة الفجر: الفجر في الأصل: هو الشفق، والمراد به ضوء الصباح، والفجر في آخر الليل كالشفق في أوله.

والفجر اثنان (٥): الفجر الأول (الكاذب) وهو البياض المستطيل الذي يبدو في ناحية من السماء -وهو ما يسمى عند العرب بذنب السرحان (الذئب) - ثم ينكتم فيعقبه الظلام.

والفجر الثاني (الصادق): وهو البياض المستطير المعترض في الأفق، ولا يزال يزداد نوره حتى تطلع الشمس، وفي الحديث: «لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال ولا الفجر المستطيل، ولكن الفجر المستطير في الأفق» (٦).

وهذا الفجر الثاني هو الذي تتعلق الأحكام كلها به، لا الأول الكاذب.

ويطلق الفجر على صلاة الفجر لأنها تؤدى في هذا الوقت، وتسمى صلاة الصبح والغداة.


(١) «تبيين الحقائق» (١/ ٨٤)، و «الفواكه الدواني» (١/ ١٩٧)، و «نيل الأوطار» (٢/ ١٨).
(٢) السابق، و «المجموع» (٣/ ٤٢)، و «مغنى المحتاج» (١/ ١٢٥).
(٣) أخرجه الترمذي (١٦٩)، وأحمد (١/ ٢٦) وفيه انقطاع، وله شواهد.
(٤) صحيح: أخرجه مسلم (١٩٠).
(٥) «البدائع» (١/ ١٢٢)، و «مغنى المحتاج» (١/ ١٢٤)، و «الفواكه» (١/ ١٩٢)، و «كشاف القناع» (١/ ٢٥٥).
(٦) صحيح: أخرجه مسلم (١٠٩٤)، والترمذي (٧٠٦) واللفظ له، وأبو داود (٢٣٤٦)، والنسائي (٢١٧١) وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>