للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: أن هذه النصوص فيها الأمر باجتناب النجاسة، والأمر بالشيء نهي عن ضده، والنهي في العبادات يقتضي الفساد، فاستدل بذلك على الشرطية، وإلى هذا ذهب جماهير العلماء (١).

والذي يظهر: القول الأول، نعم يصح الاستدلال على الشرطية بالنهي الذي يدل على الفساد المرادف للبطلان، لكن هذا إذا كان النهي عن ذلك الشيء لذاته أو لجزئه، لا لأمر خارج عنه، والنهي هنا خارج عن جنس الصلاة كما لا يخفى، والله أعلم.

من صلَّى وعليه نجاسة ولم يعلم بها إلا بعد الصلاة، هل يعيدها؟ (٢).

اختلف أهل العلم في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:

الأول: صلاته باطلة، وعليه الإعادة إذا علم بالنجاسة في الوقت، ولا إعادة بعد الوقت:

وهو مذهب ربيعة ومالك والحسن (٣).

الثاني: صلاته باطلة، وعليه الإعادة ولو بعد الوقت: وهو مذهب الشافعي ورواية عن أحمد (٤). قالوا: لأنه فقد شرطًا من شروط صحة الصلاة فبطلت ولزمه الإعادة.

الثالث: صلاته صحيحة، ولا إعادة عليه: وبه قال ابن عمر وعطاء وابن المسيب ومجاهد وأبو ثور وإسحاق والشعبي والنخعي والأوزاعي، وهو رواية عن أحمد، واختاره ابن المنذر (٥) وحجتهم:

١ - أنه لم يعلم بالنجاسة، وقد قال تعالى: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَانَا} (٦). وفي الحديث الصحيح أن الله تعالى قال: «قد فعلت» (٧).


(١) «البدائع» (١/ ١١٤)، و «حاشية الدسوقي» (١/ ٢٠٠)، و «مغنى المحتاج» (١/ ١٨٨)، و «كشاف القناع» (١/ ٢٨٨).
(٢) محل هذه المسألة على قول الجمهور باشتراط الطهارة من النجس في الصلاة، وأما على ما رجحناه من الوجوب «دون الشرطية»، فلا شيء عليه كما لا يخفى.
(٣) «المدونة» (١/ ٥٥)، و «المغنى» (٢/ ٦٥)، و «الأوسط» (٢/ ١٦٤).
(٤) «الأم» (١/ ٥٥)، و «المغنى» (٢/ ٦٥)، و «الأوسط» (٢/ ١٦٤).
(٥) «الأوسط» (٢/ ١٦٣)، و «المغنى» (٢/ ٦٥)، و «المجموع» (٣/ ١٦٣).
(٦) سورة البقرة، الآية: ٢٨٦.
(٧) صحيح: أخرجه مسلم (١٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>