للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يجب ستره في الصلاة:

ليُعلم ابتداءً أن التحقيق (١): أنه لا ارتباط بين عورة النظر والعورة في الصلاة لا طردًا ولا عكسًا، بل إن مصطلح (ستر العورة) الذي يعتبره الفقهاء شرطًا في صحة الصلاة، ليس من ألفاظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في الكتاب والسنة أن ما يستره المصلي فهو عورة، بل قال الله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (٢).

وعورة النظر إنما هي لأجل الشهوة، وأما أخذ الزينة في الصلاة فلحق الله تعالى، فليس لأحد أن يطوف بالبيت أو يصلي عريانًا ولو كان وحده، فعلم أن أخذ الزينة في الصلاة لم يكن ليحتجب عن الناس، فهذا نوع وهذا نوع.

وحينئذ فقد يستر المصلى في الصلاة ما يجوز إبداؤه في غير الصلاة، وقد يُبدى في الصلاة ما يسترهُ عن الغير:

فالأول: مثل المنكبين، فقد «نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء» (٣) فهذا لحَقِّ الصلاة، ويجوز له كشف منكبيه للرجال خارج الصلاة، وكذلك المرأة تختمر في الصلاة، وهي لا تختمر عند زوجها ولا ذوي محارمها.

وعكس ذلك: الوجه واليدان والقدمان، ليس لها أن تبدي ذلك للأجانب على [أصح] القولين، وأما ستر ذلك في الصلاة فلا يجب باتفاق المسلمين، بل يجوز لها إبداء الوجه والكفين في الصلاة عند الجمهور، فكذلك القدم عند أبي حنيفة، وهو الأقوى .. ، إذا عُلِم هذا فنقول:

ما يجب أن يستره الرجل في صلاته:

- «نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يطوف بالبيت عريانًا» (٤) فالصلاة أولى.

- وقال في الثوب الواحد: «إن كان واسعًا فالتحف به، وإن كان ضيقًا فاتزر به» (٥) فلم يجزئ أقل من الاتزار وهو ستر أسفل البدن.

- وقال صلى الله عليه وسلم: «ما بين السُّرة والركبة عورة» (٦).


(١) هذا خلاصة ما حققه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في «الفتاوى» (٢٢/ ١١٣ - ١٢٠).
(٢) سورة الأعراف، الآية: ٣١.
(٣) صحيح: أخرجه البخاري (٣٥٩)، ومسلم (٥١٦).
(٤) صحيح: يأتي في «الحج».
(٥) صحيح: تقدم قريبًا.
(٦) حسنه الألباني: أخرجه أبو داود (٤٩٥، ٤٩٦)، وانظر «الإرواء» (١/ ٢٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>