للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أ] إن نوى الإقامة أكثر من أربعة أيام لم يقصر: وهو مذهب الجمهور: (المالكية والشافعية والحنابلة) إلا أن المالكية والشافعية قالوا: أربعة أيام غير يوم الدخول والخروج، والحنابلة حدودها بإحدى وعشرين صلاة (١). واستدلوا بما يلي:

١ - أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم مكة صبيحة رابعة ذي الحجة، فأقام بها الرابع والخامس والسادس والسابع، وصلَّى الصبح في اليوم الثاني، ثم خرج إلى منى، وكان يقصر الصلاة في هذه الأيام، وقد عزم على إقامتها (٢).

وأجيب عنه: بأنه ليس فيه أن هذه المدة هي أدنى مدة للإقامة، لأنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه

وسلم أنه أقام أكثر من تلك المدة يقصر الصلاة كما سيأتي.

٢ - حديث العلاء بن الحضرمي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يقيم المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثًا» (٣) قالوا: فدلَّ على أن من أقام ثلاثة أيام ليس في حكم المقيم، بل هو في حكم المسافر.

وأجيب عنه: بأن معنى الحديث أن من هاجر من مكة قبل الفتح يحرم عليه الاستيطان بمكة إلا أن يقيم بعد فراغه من نسكه ثلاثة أيام لا يزيد، وأما المسافر فلا يكره له الزيادة على ثلاثة أيام في مكة فكيف يقاس عليه!! ثم ليس فيه إشارة على المدة التي إذا أقامها المسافر أتمَّ؟!

ثم إن في الحديث أن ما زاد على ثلاثة أيام للمهاجر يكون داخلاً تحت المسافر لا المقيم، وعندهم أن ما زاد على الثلاثة للمسافر فإقامة صحيحة، ولو قيس أحدهما على الآخر لوجب أن يقصر المسافر فيما زاد على الثلاث لا أن يتم بخلاف قولهم (٤).

٣ - أثر عمر بن الخطاب: «أنه ضرب لليهود والنصارى والمجوس بالمدينة


(١) «الدسوقي» (١/ ٣٦٤)، و «المجموع» (٤/ ٣٦١)، و «الحاوي» (٢/ ٣٧٢)، و «المغنى» (٢/ ١٣٢)، و «كشاف القناع» (١/ ٣٣٠).
(٢) صحيح: أخرجه البخاري معناه (١٥٦٤)، ومسلم (١٢٤٠)، من حديث ابن عباس، ومسلم (١٢١٨) من حديث جابر.
(٣) صحيح: أخرجه مسلم (١٣٥٢).
(٤) «المحلى» (٥/ ٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>