للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقال: لو نوى القصر خلف المتم فأدرك معه الركعتين -ولا يشترط اتفاق نية الإمام والمأموم كما تقدم- فيجزئان؟ قلت: هذا موضع اجتهاد، ومذهب

الصحابيين أولى بالاتباع والله أعلم.

الثالثة: أن يدرك معه أقل من ركعة: فذهب الحسن والنخعي والزهري وقتادة ومالك -رحمهم الله- إلى أنه يقصر، خلافًا للجمهور، وحجتهم:

١ - قوله صلى الله عليه وسلم: «من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة» (١) فهذا لم يدرك حكم الجماعة.

٢ - أن من أدرك من الجمعة ركعة أتمها، ومن أدرك أقل من ذلك لا يلزمه فرضها، بل يصلي أربعًا، كما سيأتي في «الجمعة».

قلت: وهذا متجه وقوي، والله أعلم.

صلاة المقيم خلف المسافر:

إذا صلى المقيم الرباعية خلف مسافر فأجمع العلماء على أنه يلزمه أن يتم صلاته أربعًا بعد تسليم الإمام (٢)، ويستحب للإمام بعد تسليمه أن يقول لهم: «أتموا صلاتكم فإنا قوم سَفْر».

١ - فعن ابن عمر «أن عمر رضي الله عنهما كان إذا قدم مكة صلى بهم ركعتين، ثم قال: يا أهل مكة أتموا صلاتكم، فإنا قوم سَفر» (٣).

وقد ورد نحوه مرفوعًا من حديث عمران بن حصين في قصة «الفتح» ولا يصح (٤)، لكن فعل عمر رضي الله عنه كان في جمع العلماء من الصحابة ولم ينكر عليه أحد، ولا يعلم له مخالف فيه، فكان العمل عليه.

٢ - ولأن الصلاة واجبة عليه أربعًا فلم يكن له ترك شيء من ركعاتها كما لو لم يأتم بمسافر.

فائدة: إذا أَمَّ مسافر قومًا -فيهم مسافرون ومقيمون- ثم أحدث بعد ركعة، فاستخلف مقيمًا (٥):


(١) صحيح: تقدم تخريجه قريبًا.
(٢) «المغنى» (٢/ ١٥٢).
(٣) إسناده صحيح: أخرجه مالك (١٩٥)، وابن أبي شيبة (١/ ٤١٩)، وعبد الرزاق (٤٣٦٩)، والبغوي (١٠٢٤).
(٤) ضعيف: أبو داود (١٢٢٩)، والترمذي (٥٤٥)، وأحمد (٤/ ٤٣٠).
(٥) «فتح المالك» بتبويب التمهيد على موطأ مالك (٣/ ١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>