للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أ) فقيل: يصلي المقيم تمام صلاة الأول، ثم يشير إلى من خلفه بالجلوس، ثم يقوم وحده فيتم صلاته أربعًا ثم يقعد للتشهد ويسلم من خلفه من المسافرين، ويقوم من خلفه من المقيمين فيتموا لأنفسهم، وهو قول مالك.

(ب) وقيل: يتم المستخلف صلاة الأول، ثم يتأخر ويقدم مسافرًا يسلم بهم، فيسلم معه المسافرون ويقوم المقيمون، فيقضون وحدانًا، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه والثوري.

(جـ) وقيل: يتمون كلهم صلاة مقيم، وبه قال الشافعي والأوزاعي والليث.

هل تُصلَّى النوافل في السفر؟

اختلف العلماء في هذه المسألة، لاختلاف ظواهر الآثار الواردة في فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر، على خمسة أقوال (١):

١ - المنع من صلاة النافلة في السفر مطلقًا: ويستدل له بحديث ابن عمر قال: «صحبت النبي صلى الله عليه وسلم فلم أره يُسبِّح في السفر، وقال الله -جل ذكره- {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}» (٢).

ويقول ابن عمر لما رأى الناس يتنفلون في السفر: «لو كنتُ مسبَّحًا لأتممت» (٣).

٢ - الجواز مطلقًا: وبه قال الجمهور، واستدلوا بالأحاديث العامة في ندب مطلق النوافل والرواتب، وبصلاة النبي صلى الله عليه وسلم الضحى يوم الفتح، وركعتي الفجر حين ناموا حتى طلعت الشمس.

٣ - جواز مطلق التطوع والمنع من الرواتب: وهو اختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم، وهو مذهب ابن عمر، فحملوا نفيه لصلاة النبي صلى الله عليه وسلم النافلة في السفر على الرواتب دون غيرها، عدا ركعتي الفجر، لما ثبت عن ابن عمر «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسبِّح على ظهر راحلته حيث كان وجهه، ويومئ برأسه، وكان ابن عمر يفعله» (٤).


(١) «فتح الباري» (٢/ ٦٧٤)، و «نيل الأوطار» (٣/ ٢٦١)، و «زاد المعاد» (٤٧٣٨)، و «الفروع» لابن مفلح (٢/ ٥٩).
(٢) صحيح: أخرجه البخاري (١١٠١)، ومسلم (٦٨٩).
(٣) صحيح: أخرجه مسلم (٦٨٩)، والترمذي (٥٤٤).
(٤) صحيح: أخرجه البخاري (١١٠٥)، ومسلم (٧٠٠) بنحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>