للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصحيح أنها تنعقد لحديث ابن عباس، ولأنه لا دليل على المنع من انعقادها، ولا دليل على التفريق بين صلاة النفل والفرض في ذلك، ولأن الصبيَّ المميِّز يصح أن يكون إمامًا -كما سيأتي- وهو متنفِّل، فجاز أن يكون مأمومًا بالمفترض البالغ، وهذا مذهب الحنفية والشافعية ورواية عن أحمد (١).

أين تُقام صلاة الجماعة؟

تجوز إقامة صلاة الجماعة في أي مكان طاهر، في البيت أو الصحراء أو المسجد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيُّما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصلِّ» (٢).

وقوله صلى الله عليه وسلم للرجلين: «إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتُما مسجد جماعة، فصليِّا معهم، فإنها لكما نافلة» (٣).

إلا أن الجماعة للفرائض في المسجد أفضل منها في غير المسجد، لحديث زيد ابن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صلُّوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة» (٤) ولأن إقامتها في المسجد فيه إظهار الشعائر وكثرة الجماعة، ولأن بإقامتها يحصل له فضل المشي على المسجد، وسيأتي ذكره قريبًا.

الأعذار المرخِّصة في التخلُّف عن الجماعة:

الأعذار التي تبيح التخلف عن شهود صلاة الجماعة في المسجد: منها ما هو عام، ومنها ما هو خاص، وبيان ذلك فيما يلي:

[أ] الأعذار العامة:

١، ٢ - المطر والوَحْل: الذي يشقُّ معه الخروج إلى المسجد، فعن نافع أن ابن عمر أذن بالصلاة في ليلة ذات برد وريح ثم قال: ألا صلوا في الرحال، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم «كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة ذات برد ومطر، يقول: صلوا


(١) «البدائع» (١/ ١٥٦)، و «مغنى المحتاج» (١/ ٢٢٩)، و «المغنى» (٢/ ١٧٨)، وانظر «حاشية الدسوقي» (١/ ٣١٩)، و «جواهر الإكليل» (١/ ٧٦)، فقد فرق المالكية بين الفرض والنفل!! وحديث أبي سعيد المتقدم حجة عليهم.
(٢) صحيح: أخرجه البخاري (٣٣٥)، ومسلم (٥٢١) من حديث جابر.
(٣) صحيح: تقدم تخريجه.
(٤) صحيح: أخرجه البخاري (٧٣١)، ومسلم (٧٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>