للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا صلَّت المرأة بهنَّ متقدمة عليهن فالأظهر أن الصلاة صحيحة مجزئة لعدم الدليل على بطلانها، لكن خلاف الأولى والله أعلم.

[٦] أين يقف الصبيان في الصلاة؟

رُوى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كان يجعل الرجال قدام الغلمان، والغلمان خلفهم، والنساء خلف الغلمان» (١) لكنه ضعيف لا يصح.

قال الإمام الألباني -نضرَّ الله وجهه-: «وأما جعل الصبيان وراءهم فلم أجد فيه سوى هذا الحديث، ولا تقوم به حجة، فلا أرى بأسًا من وقوف الصبيان مع الرجال إذا كان في الصف متَّسع، وصلاة اليتيم مع أنس وراءه صلى الله عليه وسلم حجة في ذلك» (٢).

قلت: قد تقدم حديث أنس وصلاة اليتيم معه خلف النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان يُمنع الصبيان من الصفِّ مع الرجال، لقام أنس عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم واليتيم خلفهما وأم سليم خلفهم، والله أعلم.

صلاة الإمام أو المأموم في مكان مرتفع:

١ - ارتفاع الإمام عن المأمومين:

يُكره للإمام أن يصلي أعلى من المأمومين، وهو مذهب الجمهور، سواء كان هذا العلو لحاجة أو لا. فعن همام: «أن حذيفة أمَّ الناس بالمدائن على دكان، فأخذ أبو مسعود (الأنصاري) بقميصه فجبذه، فلما فرغ من صلاته قال: ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك؟ قال: بلى قد ذكرت حين مددتني» (٣).

وقال الشافعي: أختار للإمام الذي يُعلَّم من خلفه أن يصلي على الشيء المرتفع فيراه من خلفه فيقتدون به. وهو رواية عن أحمد، لحديث سهل بن سعد لما سئل عن المنبر قال: «... ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى عليها (يعني أعواد المنبر) وكبَّر وهو عليها، ثم ركع وهو عليها، ثم نزل القهقري، فسجد في أصل المنبر ثم عاد، فلما فرغ أقبل على الناس فقال: أيها الناس إنما صنعت هذا لتأتموا، ولتعلموا صلاتي» (٤).


(١) ضعيف: أخرجه أبو داود (٦٧٧)، وأحمد (٥/ ٣٤١) عن أبي مالك الأشعري.
(٢) «تمام المنة» (ص/ ٢٨٢).
(٣) إسناده صحيح: أخرجه أبو داود (٥٩٧)، وابن خزيمة (١٥٢٣)، والحاكم (١/ ٢١٠)، والبيهقي (٣/ ١٠٨) وليس فيه إلا ما يخشى من عنعنة الأعمش.
(٤) صحيح: أخرجه البخاري (٩١٧)، ومسلم (٥٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>