للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُكره تطويل الإمام إذا شق على بعض المأمومين:

فعن أبي مسعود قال: قال رجل يا رسول الله إني لأتأخر عن الصلاة في الفجر مما يطيل بنا فلان فيها، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما رأيته غضب في موضع كان أشد غضبًا منه يومئذ، ثم قال: «يا أيها الناس، إن منكم مُنَفِّرين، فمن أَمَّ الناس فليتجوَّز، فإن خلفه الضَعيف والكبير وذا الحاجة» (١).

ولما صلَّى الرجل خلف معاذ بالبقرة أو النساء شكاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا معاذ، أفتَّان أنت -ثلاث مرار- فلولا صليت بسبح اسم ربك والشمس وضحاها، والليل إذا يغشى» (٢).

قلت: وهذا إذا كان يشق على بعض المأمومين، فإن علم رضاءهم فلا يكره التطويل، والمقصود -على كل حال- أن يراعى حال المأمومين، ففي حديث ابن عمر «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا بالتخفيف ويؤمُّنا بالصافات» (٣).

وعن جابر بن سمرة قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الصلوات كنحو من صلاتكم التي تصلون اليوم، ولكنه كان يخفف، كانت صلاته أخف من صلاتكم، وكان يقرأ في الفجر

الواقعة ونحوها من السور» (٤).

وقد ذكر ابن مسعود عشرين سورة من المفصَّل «كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن بينهن سورتين في كل ركعة» (٥).

فالضابط في التطويل والتقصير حال المأمومين ورضاهم، وإتمام الصلاة وعدم النقص من أركانها، فعن أنس قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يوجز الصلاة ويكملها» (٦).

وعنا قال: «ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة ولا أتم من النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كان ليسمع بكاء الصبي فيخفف مخافة أن تفتن أُمُّه» (٧).


(١) صحيح: أخرجه البخاري (٧٠٤)، ومسلم (٤٦٦).
(٢) صحيح: أخرجه البخاري (٧٠٥)، ومسلم (٤٦٥).
(٣) حسن: أخرجه النسائي (٢/ ٩٥)، وأحمد (٢/ ٢٦) وغيرهما.
(٤) حسن: أخرجه أحمد (٥/ ١٠٤)، وابن خزيمة (٥٣١)، وعبد الرزاق (٢٧٢٠) وغيرهم.
(٥) صحيح: أخرجه البخاري (٧٧٥)، ومسلم (٧٢٢).
(٦) صحيح: أخرجه البخاري (٧٠٦)، ومسلم (٤٦٩).
(٧) صحيح: أخرجه البخاري (٧٠٨)، ومسلم (٤٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>