للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن عباس: يقضي ما أنفق على الثمرة ثم يزكى ما بقي (١).

وعن الإمام أحمد روايتان كقول كل منهما.

ورجَّح أبو عبيد مذهب ابن عمر ومن وافقه في رفع كل الديون من الخارج، إذ الذي عليه دين يحيط بماله ولا مال له، هو من أهل الصدقة، فكيف تؤخذ منه الصدقة وهو من أهلها؟ وكيف يكون غنيًّا فقيرًا في حالة واحدة؟ (٢).

قلت: وهذا هو الراجح، وعليه فمن أخرجت أرضه - (٢٠) وسقًا مثلًا من القمح- وكان مدينًا بما يعادل (١٧) وسقًا فإنه يقضيها ويبقى له (٣) أوسق فليس فيها زكاة لأنها دون النصاب، والله أعلم.

٢ - وأما النفقات على الزرع إذا لم تكن دَيْنًا:

كتكاليف البذر والسماد والحرث والحصاد ونحوها، فللعلماء فيها قولان:

الأول: أنها لا تُطرح من الخارج قبل أخذ العشر أو نصفه:

وهو مذهب الحنفية وابن حزم (٣).

قالوا: لأن النبي صلى الله عليه وسلم حكم بتفاوت الواجب لتفاوت المؤنة، ولو رفعت المؤنة لكان الواجب بنفس المقدار، لأنه لم ينزل العشر إلى نصفه إلا المؤنة، والفرض أن الباقي بعد رفع قدر المؤنة لا مؤنة فيه.

والثاني: أنها تطرح من الخارج ويزكى ما بقي: وهو مذهب الحنابلة ورجحه ابن العربي (٤) وهذا هو الأرجح والأشبه بروح الشريعة ويؤيده أمران (٥):

١ - أن للكلفة والمؤنة تأثيرًا في نظر الشارع، فقد تقلل مقدار الواجب، كما في السقى بآلة، وقد تمنع الزكاة أصلاة كما في الأنعام المعلوفة أكثر العام، فلا عجب في إسقاط ما يقابلها من الخارج من الأرض.

٢ - أن حقيقة النماء هو الزيادة، ولا يعد المال زيادة وكسبًا إذا أنفق مثله في الحصول عليه.


(١) أخرجه عنهما أبو عبيد في «الأموال» (ص ٥٠٩)، ويحيى بن آدم في «الخراج» (ص ١٦٢) بسند صحيح.
(٢) «الأموال» لأبي عبيد (ص ٥١٠).
(٣) «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٤٩)، و «فتح القدر» (٢/ ٨ - ٩)، و «المحلى» (٥/ ٢٥٨).
(٤) «المغنى» (٢/ ٦٩٨)، و «عارضة الأحوذي» (٣/ ١٤٣).
(٥) «فقه الزكاة» (١/ ٤٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>