للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به على الله عز وجل، ولا يحكم بأنه قرآن: إلا بما نقلته الجماعة بين اللوحين، وأحسن ما روى في تأويل هذه الآية [ما ذكرته] عائشة (١)، والله تعالى أعلم.

طواف سعي القارن والمتمتع:

اختلف العلماء في طواف القارن والمتمتع على ثلاثة مذاهب (٢):

[١] أن على كل منهما طوافين وسعيين: وهو مروي عن علي وابن مسعود، وهو قول سفيان الثوري وأبي حنيفة وأهل الكوفة والأوزاعي وإحدى الروايات عن أحمد.

[٢] أن على كلٍ منهما طوافًا واحدًا وسعيًا واحدًا: وهذا نص عليه الإمام أحمد في رواية ابنه عبد الله، واختاره شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم.

[٣] أن على المتمتع طوافين وسعيين، وعلى القارن سعي واحد: وهو قول عطاء وطاوس والحسن، وهو مذهب مالك والشافعي وظاهر مذهب أحمد.

فأما القول الأول فضعيف إذ لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل عليه، وغاية ما عند القائلين به قوله تعالى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ} ولا دليل في ذلك، فإن التمام حاصل وإن لم يطف -القارن- إلا طوافًا واحدًا، كما هو واضح من أدلة الفريقين الآخرين، وأما القولان الآخران فسبب الخلاف بينهما تعارض الأحاديث الواردة في ذلك:

فعن جابر قال: «لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافًا واحدًا، طواف الأول» (٣) يعني بالطواف: السعي.

وعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: «طوافك بالبيت وبين الصفا والمروة يكفيك لحجك وعمرتك» (٤) وكانت قارنة على الأصح.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «... فطاف الذين كانوا أهلوا بالعمرة بالبيت


(١) «التمهيد» لابن عبد البر (٢/ ٩٨).
(٢) «الزاد» (٢/ ٢٧١)، و «تهذيب السنن» (٥/ ٢٤٣ - مع العون)، و «مجموع الفتاوى» (٢٦/ ١٠٤).
(٣) صحيح: أخرجه مسلم (١٢١٥)، والترمذي (٩٤٧)، وأبو داود (١٨٩٥)، والنسائي (٢٩٨٦)، وابن ماجه (٢٩٧٢).
(٤) صحيح: تقدم قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>